كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: وهذا الشهرستاني صاحب نهاية الإقدام في علم الكلام وصف حاله فيما وصل إليه من الكلام وما ناله، فتمثل بما قاله:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وصيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم
ثم قال: عليكم بدين العجائز؛ فإنَّه (¬1) أسنى الجوائز.
قلت: ولو لم يكن في الكلام شيء يذم به إلا مسألتان هما من مبادئه، لكان حقيقا بالذم، وجديرا بالترك.
إحداهما: قول طائفة منهم: إن أول الواجبات الشك في الله تعالى.
والثانية: قول جماعة منهم: إن من لم يعرف الله تعالى بالطرق التي طرقوها، والأبحاث التي حرروها، فلا يصح إيمانه، وهو كافر.
فيلزمهم على هذا تكفير أكثر المسلمين من السلف الماضين، وأئمة المسلمين، وأن من يبدأ بتكفيره أباه وأسلافه وجيرانه، وقد أورد على بعضهم هذا، فقال: لا يشنع علي بكثرة أهل النار، وكما قال، ثم إن من لم يقل بهاتين المسألتين من المتكلمين ردوا على من قال بهما بطرق النظر والاستدلال بناء منهم على أن هاتين المسألتين نظريتان، وهذا خطأ فاحش، فالكل يخطئون الطائفة الأولى بأصل القول بالمسألتين، والثانية بتسليم أن فسادها ليس بضروري، ومن شك في تكفير من قال: إن الشك في الله تعالى واجب؛ وأن معظم الصحابة والمسلمين كفار، فهو كافر شرعا، أو مختل العقل وضعا؛ إذ كل واحدة منهما معلومة الفساد بالضرورة الشرعية الحاصلة بالأخبار المتواترة القطعية، وإن لم يكن
¬__________
(¬1) في (ز): فهو.

الصفحة 693