كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)
لَا أَكذِبُكَ، خَشِيتُ وَللَّهِ أَن أُحَدِّثَكَ فَأَكذِبَكَ، وَأَن أَعِدَكَ فَأُخلِفَكَ، وَكُنتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَكُنتُ وَاللَّهِ مُعسِرًا. قَالَ قُلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قُلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قُلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِن وَجَدتَ قَضَاءً فَاقضِنِي، وَإِلَّا فأَنتَ فِي حِلٍّ. فَأَشهَدُ بَصَرُ عَينَيَّ هَاتَينِ، - وَوَضَعَ إِصبَعَيهِ عَلَى عَينَيهِ - وَسَمعُ أُذُنَيَّ هَاتَينِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قول المدين: خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ) كان هذا الغريم صادقًا في حاله، متقيًّا على دينه، محترمًا لأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما علم منه ربُّ الدَّين ذلك كلَّه محا عنه صحيفته، وأنظره إلى الميسرة، كما قال تعالى (¬1).
وفيه ما يدلّ على أن ربَّ الدَّين إذا علم بعُسرة غريمه، أو ظنَّها حرمت عليه مطالبته، وإن لم تثبت عسرته عند الحاكم.
و(قوله: آلله؟ قال: الله هو ممدود لأنها همزة الاستفهام دخلت على الهمزة المعوضة من باء القسم.
و(قوله: فأشهد بصر عيني هاتين، وسمع أذني هاتين) هكذا رواية العذري بفتح الصاد، ورفع الراء على المصدر المضاف إلى ما بعده، وكذلك سمع أذني بتسكين الميم، ورواهما الطبري بصُرَ - بضم الصاد، وفتح الراء - على الفعل الماضي، وعيناي مرفوع على الفاعل، وكذلك: سَمِع أذناي غير أنه كسر الميم، وكذا عند أبي علي الغساني، ورواية الطبري أوضح، وأقل كلفة، فإنَّ رواية العذري يحتاج فيها إلى إضمار خبر للمبتدأ الذي هو: بصر. تقديره: بصر عيني حاصل، أو متعلق، ثم إنه بعد هذا يعطف على هذه الجملة الاسمية جملة فعليَّة التي هي قوله: ووعاه قلبي، والأحسن في عطف الجمل مراعاة المجانسة في المعطوف، والمعطوف عليه، فرواية الطبري أولى.
¬__________
(¬1) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280].