كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

الركن الثالث: المعقود عليه:
وهو ما يسمى محل العقد، وهو في عقد البيع: المبيع والثمن، ويشترط في كلِّ منهما شروط، وإليك بيانها:
1 - أن يكون المبيع موجوداً عند العقد: فلا يجوز بيع ما هو معدوم، كبيع ما ستثمره أشجاره، وما ستحمل به أغنامه. وكذلك ما كان في حكم المعدوم، كبيع ما تحمله الأغنام ونحوها، أو ما في الضرع من اللبن ونحوه.

ودليل ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان، فقد روى نهى أصحاب السنن عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، يأتيني الرجل فيسألني عن بيع ما ليس عندي ما أبيعه منه، ثم أبتاعه من السوق؟ فقال: " لا تبع ما ليس عندك " (انظر: سنن أبي داود: البيوع والإجارات، باب: في الرجل بيع ما ليس عنده، رقم: 3503).
وكذلك: فإن في هذا النوع من البيع غرراً، لأنه على خطر الوجود وعدمه، ولما فيه من الجهالة، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغَرَر. (مسلم: البيوع، باب: بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، رقم 1513).
2 - أن يكون مالاً متقوماً شرعاً: وذلك شرط في المبيع والثمن، ويخرج بذلك جميع الأعيان النجسة والمحرمة شرعاً، فلا يصح كون المبيع أو الثمن خمراً أو ميتةً أو دماً أو زبْلاً أو كلباً.
ودليل ذلك: ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنها: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: " لا، هو حرامُ " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك " قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه ". (أخرجه البخاري في البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام، رقم: 2121. ومسلم في المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة ... ، رقم: 1581). [يستصبح: أي يوقدونها في المصباح ليستضيئوا بها. جملوه: أذابوه.

الصفحة 16