كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

3 - عند اختلاف العلة:
علمنا أن العلة في اعتبار المال ربوياً عند الفقهاء كونه ثمناً أو مطعوماً، وعليه: فلا يتصور اختلاف العلة في البدلين في العقد الربوي إلا أن يكون أحدهما من الأثمان والآخر مطعوماً، وفي هذه الحالة فلا يشترط لصحة البيع وجواز التعاقد أي شرط من الشروط السابقة، فيصحّ بيع عشرين مددّاً من القمح بعشر غرامات من الذهب مثلاً، حصل التقابض أو لم يحصل، اشترط الأجل أو لم يشترط.
ودليل هذا: ما رواه البخاري ومسلم: عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر، فجاء بتمر جنيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أكل تمر خيبر هكذا؟ " فقال: لا والله يا رسول الله، إنّا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم اتبع بالدراهم جنيباً " (البخاري في الوكالة، باب: الوكالة في الصرف والميزان، رقم: 2180 ومسلم في المساقاة، باب: بيع الطعام مثلاً بمثل، رقم 1593).
[والجنب: التمر الجيد، والجمع التمر الرديء أو المختلط].
فقد دلّ هذا الحديث على جواز البيع مطلقاً حين يكون أحد البدلين من الأثمان، والبدل الثاني من غيرها، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم.
4 - عند المبادلة بمال غير ربوي:
إذا بيع مال ربوي بمال آخر غير ربوي صحّ البيع مطلقاً، بدون أيّ شرط من شروط جواز التعامل الربوي، فلا يشترط تماثل ولا حلول ولا تقابض، لأن العقد خرج عن كونه عقداً ربوياً طالما أن أحد البدلين مال غير ربوي.
فإذا بيع الطعام على اختلاف أنواعه بغير طعام، كثوب مثلاً، جاز مطلقاً، كما لو كان أحد البدلين ثمناً كما علمت. فالبيع جائز وصحيح سواء أكان البدلان متماثلين أم متفاضلين، وسواء أكان البيع حالاً أم مؤجلاً، وسواء أكان البدلان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين.

الصفحة 73