كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

وذلك أن الكثير من هؤلاء من يتعاملون بالربا مع المصارف الأجنبية، فيأكلون الربا وربما أطعموها، مدّعين أنهم استفتوا فأفتوا بجواز ذلك، فذكرنا هذا القول لننبّه على الحق فيه، وهو أن القول خاص بالحربي، والحربي هو الذي بيننا وبين بلدة حرب قائمة بالمعنى الشرعي والعرفي لهذا، ولا ينطبق ذلك الآن إلا على ما بيننا وبين اليهود المغتصبين لأرضنا ومقدساتنا في فلسطين، أما بلاد الغرب أو الشرق من غير المسلمين فليسوا بحربيين بالمعنى الشرعي، وأن كان فريق منهم وأعواناً ومناصرين للصهاينة في الحقيقة، إلا أنهم لا ينطبق عليهم الحكم الذي ذكره أبو حنيفة وصاحبه رحمهما الله تعالى، ولذلك نقول:
إن التعامل بالربا مع أي مصرف من المصارف الأجنبية أو الأفراد منهم حرام وممنوع، كما لو كان في بلاد المسلمين، هذا إذا لم يكن أشد حرمة ومنعاً، لما فيه من إخراج الأموال من بلاد المسلمين وتسخيرها لمصلحة غيرهم، مما يكون فيه كبير ضرر في كثير من الأحيان على مصالح البلاد الإسلامية، ووقوعها في أزمات اقتصادية. لأننا ندخل بلادهم ويدخلون بلادنا دون عائق، والذين قالوا بهذا القول بينوا أنه لا ينطبق على التعامل مع من دخل بلاد المسلمين بأمان من أهل الحرب، فضلاً عمن دخلها من غيرهم.

الصفحة 89