كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 6)

هاته، فأخذه وقال: بسم الله وبالله ربّ الأرض والسماء الذي لا يضرّ مع اسمه شيء ثم أكله، فتجللّته غشية ثم ضرب بذقنه في صدره طويلا، ثم عرق وأفاق فكأنما نشط من عقال، فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال: جئتكم من عند شيطان أكل سمّ ساعة فلم يضرّه، صانعوا القوم وأخرجوهم عنكم، فإن هذا أمر مصنوع لهم، فصالحوهم على مائة ألف درهم.
وقال عبد المسيح: لما بنى بالحيرة قصره المعروف بقصر بني بقيلة: [من الوافر]
لقد بنّيت للحدثان حصنا ... لو انّ المرء تنفعه الحصون
طويل الرأس أقعس مشمخرّا ... لأنواع الرياح به حنين
وذكر أن بعض مشايخ أهل الحيرة خرج إلى ظهرها فخطّ ديرا، فلما حفر موضع الأساس وأمعن في الاحتفار، أصاب كهيئة البيت، فدخله فإذا رجل على سرير من زجاج، وعند رأسه كتابة: أنا عبد المسيح بن بقيلة: [من الوافر]
حلبت الدهر أشطره حياتي ... ونلت من المنى بلغ المزيد
وكافحت الأمور وكافحتني ... ولم أحفل بمعضلة كؤود
وكدت أنال في الشرف الثريّا ... ولكن لا سبيل إلى الخلود
[115]- ومن المعمّرين: النابغة الجعدي، واسمه قيس بن عبد الله بن ربيعة ابن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ويكنى: أبا ليلى.
وروى أبو حاتم السجستاني قال: كان النابغة الجعدي أسنّ من النابغة
__________
[115] أخبار النابغة الجعدي في أمالي المرتضى 1: 263- 264 والجليس الصالح (المجلس: 90) وفيه قطعة من شعره وانظر شعره المجموع: 36- 37، 161- 162، 191، 77- 78.
وقوله «المرء يأمل أن يعيش ... » في بهجة المجالس: 233 (ونسب للبيد) وهو في الجليس الصالح (المجلس: 89) وينسب للحارث بن حبيب الباهلي، وأمالي القالي 2: 8 وشعره في كبره في التشبيهات: 219 أيضا والمعمرون: 102 وحماسة البحتري: 207 ومجموع شعره: 239 (وتنسب الأبيات لغيره) .

الصفحة 40