وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه، ويحامي عنه أن يُنتقص أو يُثلب.
وقال ابن قتيبة: عرض الرجل: نفسه وبدنه، لا غير.
قال في "النهاية": ومنه الحديث: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"؛ أي: احتاط لنفسه، ولا يجوز فيه معنى الآباء والأسلاف، ومنه حديث أبي ضمضم: "اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك" (١)؛ أي: تصدقت على من ذكرني بما يرجع إلي عيبه.
قال: ومنه شعر حسان بن ثابت - رضي الله عنه -:
[من الوافر]
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ (٢)
فهذا خاص بالنفس، ومنه حديث: "أقرضْ مِنْ عِرْضِكَ ليوِم عَرْضِكَ" (٣)؛ أي: مَنْ عابَكَ وذَمَّك، فلا تجازِهِ، واجعلْه قرضًا في ذمته؛ لتستوفيه منه يوم عَرْضِك على مولاك، واحتياجك إلى جدواك (٤).
والحاصل: أنه يُراد به: المعنيان، والله الموفق.
فمن اتقى الأمور المشتبهة، واجتنبها، فقد حَصَّنَ عرضَه من القدح والشَّين الداخلِ على من لم يجتنبْها.
وفيه: دليل على أن من ارتكب الشبهات، فقد عَرَّضَ نفسَه للقدح
---------------
(١) رواه أبو داود (٤٨٨٦)، كتاب: الأدب، باب: من ليست له غيبة.
(٢) انظر: "ديوانه" (١/ ١٨)، (ق ١/ ٢٧).
(٣) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٧٥٧٥)، وفي "مسند الشاميين" (١٣٧١)، من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -. وجاء موقوفًا عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -: رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٥٩٦).
(٤) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٢٠٩).