كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 6)

وفي "البخاري" عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته، قال: "الحمدُ لله كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه غيرَ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّع ولا مُسْتَغْنًى عنه" (١).
وفي رواية: كان إذا فرغ من طعامه قال: "الحمدُ لله الذي كفانا وآوانا غيرَ مَكْفِيٍّ ولا مكفورٍ رَبّنا" (٢).
ومكفي -بفتح الميم وتشديد الياء- هذه الرواية الصحيحة الفصيحة.
ورواه أكثر الرواة بالهمز.
وقال النووي: وهو فاسد من جهة العربية، سواء كان من الكفاية، أو كَفَأْتُ الإناءَ، كما لا يقال في مَرْميّ: مرميء -بالهمز-.
قال في "المطالع": المرادُ بهذا المذكور كلِّه: الطعام، وإليه يعود الضمير، ومعنى غير مكفورٍ؛ أي: غير مجحودةٍ نعمُ الله تعالى، بل مشكورة غيرُ مستورٍ الاعترافُ بها، والحمدُ لله عليها (٣).
وقال الخطابي: المرادُ بهذا الدعاء كلِّه: الباري -سبحانه وتعالى-، والضمير يعود إليه، ومعنى قوله: "غير مكفي": أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، وقوله: "ولا مُوَدَّع": أي: غير متروكٍ الطلبُ منه والرغبةُ إليه (٤)، وينتصب
---------------
= الأطعمة، باب: ما يقول الرجل إذا طعم، والترمذي (٣٤٥٧)، كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا فرغ من الطعام، وابن ماجه (٣٢٨٣)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقال إذا فرغ من الطعام.
(١) رواه البخاري (٥١٤٢)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقول إذا فرغ من طعامه.
(٢) رواه البخاري (٥١٤٢)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقول إذا فرغ من طعامه.
(٣) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٤٥).
(٤) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٤/ ٢٦١).

الصفحة 584