كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 6)

الإِمام أحمد عن معنى هذا الحديث، فقال: ما أدري ما هذا! وقال إسحاق بن راهويه: إنما يريد: من شهرَ السلاحَ ثم وضعه في الناس حتى استعرض الناس، فقد حلّ قتله، وهو مذهب الحرورية يستعرضون الرجال والنساء والذرية.
قال الحافظ ابن رجب: وقد روي عن عائشة ما يخالف تفسير إسحاق، فخرج الحاكم من رواية علقمة بن أبي علقمة، عن أمه: أن غلامًا شهر السيف على مولاه في إمرة سعيد بن العاص، وتفلّت عليه، فأمسكه الناس عنه، فدخل المولى على عائشة، فقالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أشار بحديدة إلى أحدٍ من المسلمين يريد قتله، فقد وجب دمه"، فأخذه مولاه فقتله، وقال: صحيح على شرط الشيخين (١).
وقد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قُتل دون ماله فهو شهيد" (٢)، وفي رواية: "من قُتل دون دمه فهو شهيد" (٣)، فإذا أُريد مالُ المرء أو دمُه، دافع عنه بالأسهل، هذا مذهب الإِمام أحمد، والشافعي، وهل يجب عليه أن
---------------
(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٢٦٦٩). وكذا الإِمام أحمد في "المسند" (٦/ ٢٦٦) مختصرًا.
(٢) رواه البخاري (٢٣٤٨)، كتاب: المظالم، باب: من قاتل دون ماله، ومسلم (١٤١)، كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان المقاصد مهدر الدم في حقه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
(٣) رواه النسائي (٤٠٩٤)، كتاب: تحريم الدم، باب: من قاتل دون أهله، والترمذي (١٤٢١)، كتاب: الديات، باب: ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ١٩٠)، من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه -.

الصفحة 80