كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)

أخو الشيخ الحافظ صدر الدين أبي علي الحسن بن محمد البكري.
وأبو الفضل هذا، رأيته شيخًا بدمش / 167 ب/ وأخبرني أنه ولد سنة تسعين وخمسمائة، وكان يتصرف في الأعمال والولايات وتحت يده أوقاف الصدقات. يشدو شيئًا من فقه الإمام الشافعي- رضي الله عنه- ويقول الشعر طبعًا، ويزنه ويذوقه ويفهم مواضع الخطأ منه، وقد نظمه في الأغراض التي يقصدها، وذكر لي أنه لم يشتغل قط بشيء من العربية، ولا قرأ منها لفظة، وينظم نظمًا متزنًا صحيحًا، وربما جاء في شعره لحن قريب، لكونه لم يتعلم شيئًا من الأدب.
أنشدني لنفسه، يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في أواخر سنة تسع وثلاثين وستمائة:
[من الكامل]
لي في مديحي للرسول غرام ... فعلى الرَّسول تحيةٌ وسلام
المصطفى المختار من دون الورى الـ ... ـــمدَّثر المطَّهر الصَّوام
الهاشميُّ الأبطحيُّ ومن به ... تتفاخر الأيَّام والأعوام
كالبدر وضَّاح الحبين مهذَّب الأ ... خلاق حاز المجد وهو غلام
حسبي بمدحيه افتخارًا أنَّه ... في الحشر ممَّا أتَّقيه ذمام
فمديحه يشفي السَّقام وذكره ... ينفي الأوام وحبُّه معصام
كم غصت في بحر المعاني مخرجًا ... درر المدائح زانهنَّ نظام
/168 أ/ في خاتم الرُّسل الكرام ومن به ... للأنبياء المرسلين ختام
سبحان من أسرى به في ليلة ... فانجاب عنها غيهب وظلام
وعلا على ظهر البراق وجاوز السَّـ ــبع الطباق فعمَّه الإنعام
خفَّت به الأملاك تعظيمًا له ... فهم لحضرة قدسه خدَّام
ودناً فكا كقاب قوسين كما ... قد جاءت الآيات والأحكام
ورأى فما كذب الفؤاد لما رأى ... من رِّبه فتبارك العلَّام
يا خيرة الله الذي بك قد سما ... التوحيد والإيمان والإسلام

الصفحة 218