كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)

كفايته. وألى بلاءٌ حسنًا في الجهاد، واسترجع ثغر دمياط المحروس، وصبر على بلاء ما اتفق صبر أيوب، ونال من عاقبة نصره على العدوّ- خذله الله تعالى- ما نال من الفرح بيوسف يعقوب، ولم يمت أحد في خدمته من الأجناد وغيرهم إلاَّ وأجرى بعض رزقه على مخلفيه من الأولاد؛ ذكورًا أو إناثًا، فجزاه الله عن إحياء سنة نبيّه صلى الله عليه وسلم الجزاء الأوفى، وأحلّه على إقامة منار الشريعة المحمديّة من دار مقامه المحلّ الأشراف الاسنى – بمحمد وآله وصحبه أجمعين-.
حكى أبو الزّ مظفر بن إبراهيم المصري العيلاني الشاعر الضرير. قال: دخلت على السلطان ناصر الدين أبي المعالي محمد بن أبي بكر بن أيوب، فقال لي: أجز هذا النصف: [من المنسرح]
قد بلغ الشُّوق منتهاه
فقلت: وما درى العاشقون ما هو
فقال الملك الكامل: وإنَّما غرَّهم دخولي
فقلت: /242 ب/ فيه فهاموا بهم وتاهو
فقال: ولي حبيبٌ رأى هواني
فسكتّ ثم قلت: وما تغيَّرت عن هواه
فقال: رياضة النَّفس في احتمالي
فقلت: وروضة الحسن في حلاه
فقال: أسمر لدن القوام إلمى
فقلت: يعشقه كلُّ من رآه
فقال: ريقته كلُّها مدامٌ
فقلت: ختامها المسك من لماه
فقال: ليلته كلُّها رقادٌ
فقلت: وليلتي كلُّها انتباه
فقال: وما يرى أن يهين عبدًا

الصفحة 312