كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)

وأنشدني لنفسه: [من الطويل]
فؤادٌ على مرِّ اللَّيالي يعذَّب ... وقلبٌ على نار الأسى يتقلَّب
وأنت لحيني معرضٌ متجنِّبٌ ... بنفسي وأهلي المعرض المتجنِّب
مر الوجد يفعل ما يشاء بمهجتي ... فإنَّ عذابي في تجنِّيك يعذب
ولا تخش من قلبي سلوَّا عن الهدى ... وأنت على ما كان منك محبَّب
إذا كان طرفي موردي منهل الرَّدى ... فمن اشتكى أم من ألوم وأعتب
صددت فصفو العيش فيك مكدَّرٌ ... وبنت فضوء الصَّبح بعدك غيهب
وإن عاد يوماً وجه ودِّك مقبلاً ... تبسَّم لي وجه الزَّمان المقطَّب
سقيت الحيا الغوريَّ يا أربع الهوى ... وجادك من دمع المحبِّين صيِّب
/39 أ/ وحيَّتك أنفاس النَّسيم عليلةً ... تميل بها الأغصان نشوى وتطرب
وناحت بأعلى دوحتيك حمائمٌ ... تهيِّج أشواق المحبِّ فيندب
ولا برحت فيك الرِّياض أنيقةً ... فإنَّك ملهى للحبيب وملعب
عهدتك دهراً للبدور مطالعاً ... وصرف الرَّدى عن ساحتيك منكِّب
فمذ رحلوا أضحى بك الدَّهر ناصباً ... خيام عفاء بالرِّياح تطنَّب
رعى الله ليلات بمنعرج اللَّوى ... تقضَّت وظلُّ العيش إذ ذاك مذهب
ليالي ترعى العهد لمياء في الهوى ... وتصبو إلى وصلي سليمى وزينب
تقضَّت على رغمي قصاراً حميدةً ... فبعداً لنفسٍ بعدها ليس تذهب
وأنشدني لنفسه: [من الطويل]
وظبي غرير غرَّني لين لفظه ... وإجماله المشفوع لي بجماله
فهمت به مستعذباً مبدأ الهوى ... وأنساك الشَّيطان ذكرً ماله
وما خلت أنَّ الحين في سيف لحظه ... وخطِّ عذاريه ونقطة خاله
فلمَّا رآني واثقاً بحيائه ... وأنَّ فؤادي موثقٌ بحباله
تجاهل عنِّي معرضاً فكأنَّني ... من الدَّهر يوماً ما خطرت بباله
وخلفني لا آبساً من جفائه ... ولا طامعاً في زور زور خياله

الصفحة 56