كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)

وأنشدني لنفسه ما كتبه إلى بعض أصدقائه، يلتمس منه كتاب البديع، وهو الذي صنّفه أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الجزري: [من السريع]
مولاي عزَّ الدِّين يا من له ... مالٌ مذال وجنابٌ منيع
ومن أياديه وأخلاقه ... يخجل منها جعفرٌ والرَّبيع
قاسم ما تملكه كفُّه ... وللندى بين البرايا مشيع
عبدك مولاي به حاجةٌ ... دعت إلى نسخ كتاب البديع
/40/ فجد به عاريةً واغتنم ... ثناء عبد شاكر للصنيع
واسلم ولازلت مدى الدَّهر في ... ظلٍّ ظليَّل ومحلٍّ رفيع
وقال أيضاً: [من الكامل]
لو أن طيفهم يزور لماماً ... لشفى أخا لممٍ وبلَّ أواما
ولو أنَّهم رقُّوا لرقِّ سليمهم ... بعثوا إليه مع النَّسيم سلاما
قومٌ لجارهم الأمان من الرَّدى ... إلاَّ إذا كان الغريم غراما
من كلِّ قدٍّ أهيف وكحيلة ... هزُّوا وسلُّوا ذابلاً وحسما
ساروا بدوراً في بروج هوادج ... وكسى وجوههم الكسوف تماما
شاموا البروق من الحجاز لوامعاً ... فغدوا لذلك هاجرين الشَّاما
بلغوا من الحرم المعظَّم منزلاً ... ومن المقام مخيَّماً ومقاما
لا كان قلبي إن عصى في حبِّهم ... أمر الصَّبابة أو أطاع ملاما
وقال أيضاً: [من الطويل]
ترى من لصبٍّ بان عنه سكونه ... هواك وإن لم يحظ بالقرب دينه
مسهَّد جفن نام عنه سميره ... ونمَّت عليه بالشؤون شؤونه
له جسد هو ميت خافٍ ... على نظر العوَّاد لولا أنينه
/41 أ/ وداء الهوى باديه أيسره الضَّنى ... واقتله للمستهام دفينه
غدا عنده عذباً أليم عذابه ... وعزاً له إذ كان يرضيك هونه
وألفاك مطلوبًا لك القتل فاستوى ... لديه مناه في الهوى ومنونه
وبي منك طرفٌ بابليٌّ فتوره ... يزيد فؤادي صبوةً وفتونه

الصفحة 58