كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)
كذلك شمس الإفك عند غروبها ... يرى كلُّ نجمٍ في السَّماوات هاويا
أرى معشراً من بعد موتك جادلوا ... ليرقوا من العلياء ما كنت راقيا
لعلمهم أن قد نأيت مفارقاً ... ولو كنت فيهم ما رأيت مباريا
لئن نال أهل النَّقص منصبك الَّذي ... غدا اليوم قفراً من جمالك خاليا
فغير عجيبٍ للثعالب وطؤها ... حمى أسد حاميه أصبح نائيا
وأن تسكن البوم القصور مشيدةً ... إذا لم تجد في ذروة الفخر بازيا
[756]
محمَّد بن حيدر بن مسعود بن دلف بن عليِّ بن أبي الحسن بن
أبي البقاء بن الدُّنبدار، أبو عبد الله الواسطيُّ.
أخبرني أنه ولد سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة، بالمضمار، وهي محلة بواسط. وقل ما تخلو له قصيدة /52 ب/ من ذكرها، ويصغرها للتحبيب.
وزعم أنَّ له نسباً متصلاً إلى ميثم التمار، غلام علي بن أبي طالب –صلوات الله عليه وسلامه-.
شاب أسمر، خفيف العارضين، قضيف البدن.
وهو شاعر مكثر مجيد مقتدر، متفنن في أقواله، لم أر أحداً من الذين ينتمون إلى هذه الصناعة، ويعزون إلى هذا الشأن؛ أقدر منه على إنشاء القوافي، وارتجال الأشعار.
وآخر عهدي به، بمحروسة إربل في رمضان سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. وأفاها مادحاً أميرها، والمستولي عليها يومئذ أبا الفضائل باتكين المستنصري، فألزم نفسه، في كل يوم إنشاء قصيدة على نظام حروف الهجاء، ما بين الخمسين والثلاثين، يمدح المستنصر بالله أبا جعفر –خلد الله دولته- إلاَّ أن شعره؛ ظاهر الكثافة، عارٍ من السهولة واللطافة، ذو قدرة على نحت القريض وارتجاله، مع معرفته بضروب آلاته، بالغ في