كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 6)
رأيته شاباً طويلاً، أشقر /68 ب/ أزرق العينين، بمدينة إربل، في أوائل رجب سنة ثماني وعشرين وستمائة. وهو من أهل القرآن والمعرفة بالنحو والأدب. وذكر أنه قرأ العربية على أبي الحجاج يوسف بن محمد الأندي. وعلى ذهنه قطعة صالحة من أشعار الندلسيين.
وله تصانيف في الأدب، عدّد لي أسماءها منها: كتاب "النكت الغريبة في شرح الجزولية"، وكتاب "الشافعي في علم العروض والقوافي"، وكتاب "الروض الممطور في أوصاف الخمور"، وما يتعلق بها في الشذوذ".
وله شعر مليح، وقول عذب. وسألته عن مولده، فقال: ولدت سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
أنشدني لنفسه: [من الكامل]
ومهفهف سفك الدِّماء بلحظه ... جارت على كلفي به فتكاته
رقَّت محاسن وجهه فكأنَّما ... ماء الحياء غذيت به وجناته
رشاً إذا أهدى السَّلام بمقلة ... ولَّى وقد عبثت بنا لحظاته
نمَّ العذار على مورِّد خدِّه ... ولوت بعقرب صدغه نوناته
نشوان لكن من خمار خفونه ... من أين للقلب العميد نجاته!
/69 أ/ أنت الكمال وغصن قدِّك ناعمٌ ... لا تبخلنَّ فقد زهت ثمراته
الحسن مالٌ والزَّكاة فريضةٌ ... لا يزك مالٌ لم تؤدَّ زكاته
وأنشدني لنفسه أيضاً: [من الكامل]
يا سيداً ساد الورى قسماً بمن ... خلق الهوى إنِّي إليك متيِّم
جرحت ظبا ألحاظ جفنك مهجتي ... فعساك تأسوا ما جرحت وترحم
وأنشدني لنفسه أيضاً، وكان قد أهدى إليه بعض العلماء شربة ماء: [من البسيط]
يا خير من كتبت يمناه بالقلم ... وخير من قد غدا يمشي على قدم
تغضي العيون حياءً من مهابته ... بحر العلوم وبحر الجود والكرم
أهديت لي شربة ماء إن شربت بها ... ماء سوى حبِّك المفروض في الأمم