كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 6)

قلت: ويؤيده ما رواه أبو داود، وإن كان قال: اختلف في إسناده من حديث سهل بن أبي حثمة مرفوعًا: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته" (¬1)، ومثله عن أبي سعيد وعبد الله وابن عمر في ابن أبي شيبة (¬2).
قال ابن بطال بعد ذكر حديثي الباب: هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته، وأكثر ذلك عند قوم من الفقهاء، وقال آخرون: أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة جعل بينه وبين القبلة قريبًا من ثلاثة أذرع، هذا قول عطاء وبه قال الشافعي وأحمد (¬3).
وقال الداودي: أقله ممر الشاة، وأكثره ثلاثة أذرع، وقال السبيعي: رأيت عبد الله بن معقل يصلي بينه وبين القبلة ثلاثة أذرع، وفي كتاب ابن التين: ستة؛ ورأيت في "مصنف ابن أبي شيبة" نحوه بإسناد صحيح، وفي حديث آخر نحوه وهي الفرجة (¬4).
قال ابن بطال: وهذا شذوذ عند الفقهاء لمخالفة الآثار الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - له، منها: أحاديث هذا الباب، ومنها: حديث سهل (¬5) يعني: السالف، وجمع ابن التين بين حديث الباب وحديث بلال
¬__________
(¬1) أبو داود (695) ورواه أيضًا النسائي 2/ 62، وأحمد 4/ 2، وابن حبان في "صحيحه" 6/ 136 (2373)، والحاكم 1/ 251 - 252 وصححه على شرط الشيخين، وصححه أيضًا النووي في "خلاصة الأحكام" 1/ 518 (1732)، والألباني في "صحيح أبي داود" (692).
(¬2) "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 250 (2875، 2876، 2877).
(¬3) "شرح ابن بطال" 2/ 130، وانظر: "المجموع" 3/ 224، "المغني" 3/ 84.
(¬4) رواه ابن أبي شيبة 1/ 249 (28687) عن أبي إسحاق السبيعي قال: رأيت ابن معقل يصلي وبينه وبين القبلة فجوة.
(¬5) "شرح ابن بطال" 2/ 130.

الصفحة 35