قال (الدراوردي) (¬1): لم يكن في القائمين على عثمان أحد من الصحابة، إنما كانت فرقتان، فرفة مصرية، وفرقة كوفية، ولم يعيبوا عليه شيئًا إلا خرج منه بريئا، فطالبوه بعزل من استعمل من بني أمية فلم يستطع في تلك الحال، ولم يخل بينهم وبينه لئلا يتجاوزوا فيهم القصد، وإنما صبر واحتسب؛ لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة في المنام فقال له: "قد قمصك الله قميصًا فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه" (¬2) يعنى: الخلافة، وقد كان أخبره - عليه السلام - أنه يموت شهيدًا على بلوى تصيبه (¬3)، فلذلك لم ينخلع من الخلافة وأخذ بالشدة على نفسه طلبًا لذلك، وإنما صلى علي صلاة العيد؛ لئلا تضاع سنة سنها الرسول - عليه السلام -.
وفيه من الفقه: المحافظة على إقامة الصلوات والحض على شهود الجماعات في زمن الفتنة خشية انحراف الأمر، وافتراق الكلمة، وتأكيد الشتات، والتعصب.
وقال بعض الكوفيين: إن الجمعة بغير والٍ لا تجزئ.
¬__________
(¬1) أثبتوه في مطبوع "شرح ابن بطال" الداودي.
(¬2) رواه الترمذي (3705)، وابن ماجه (112)، وأحمد 6/ 75، 86 - 87، 149، وفي "فضائل الصحابة" 1/ 612 - 613 (815 - 816)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 1066 - 1070، وابن أبي عاصم في "السنة" (1172 - 1173)، وابن حبان 15/ 346 (6915)، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 226 (1234) و 3/ 129 - 130 (1934)، والحاكم 3/ 99 - 100 من طرق عن النعمان بن بشير وعورة كلاهما عن عائشة به. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (90).
(¬3) قطعة من حديث سيأتي مطولًا برقم (3674) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا".
ورواه مسلم برقم (2403) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.