وأبعد منه تأويل بعضهم أن ذلك كان أول الإسلام، وقت عدم القراء. أو أن ذلك كان حين كانت الفريضة تصلي مرتين ثم نهي عنه -كما ادعاه الطحاوي- وأنه - عليه السلام - لم يطَّلع على ذلك وقد شكي تطويله، وقد ظهر بذلك صحة الفرض خلف النفل (¬1).
وخالف فيه مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية (¬2) والزهري وابن المسيب والنخعي وأبو قلابة وربيعة ويحيى بن سعيد والحسن في رواية (¬3)، ومجاهد فيما ذكره الطحاوي (¬4)، واستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
¬__________
= عجلان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر، به. اهـ. "المعرفة" 4/ 153 - 154، وهو في "الأم" 1/ 153، وفي "المسند" 1/ 104 (306).
وقال ابن شاهين: لا خلاف بين أهل النقل للحديث أنه حديث صحيح الإسناد. اهـ.
"الناسخ والمنسوخ" ص 256 - 257.
وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 196: حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فانتفت تهمة تدليسه. وقال الألباني في "الإرواء" 1/ 329: زيادة إسنادها صحيح.
قال الطحاوي 1/ 409: قوله: هي له تطوع ولهم فريضة. يجوز أن يكون من قول ابن جريج أو من قول عمرو بن دينار أو من قول جابر، فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول، فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا، لأنهم لم يحكوا ذلك عن معاذ، إنما قالوا قولًا، على أنه عندهم كذلك، وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك. اهـ. بتصرف يسير.
وقال البيهقي في "المعرفة" 4/ 154: الظاهر أنه من قول جابر، وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعلم بالله وأخشى لله من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم. وقال الحافظ ابن رجب 6/ 245: لعله مدرج من قول ابن جريج.
(¬1) "شرح معاني الآثار" 1/ 410.
(¬2) انظر "شرح فتح القدير" 1/ 371، "المعونة" 1/ 121، "عيون المجالس" 1/ 362، "المغني" 3/ 67.
(¬3) انظر: "الأوسط" 4/ 218 - 219.
(¬4) "شرح معاني الآثار" 1/ 412.