كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 6)

وصلى الناس بصلاته فلو لم تجزئهم لأخبرهم بذلك؛ لأنه بعث معلمًا، وقد كان أزواجه - عليه السلام - يصلين في حجرهن بصلاته، وبعده بصلاة أصحابه، إذا لم يمنع الحائل بين الإِمام والمأموم من تكبيرة الإحرام ولا استماع التكبير لم يقدح في الصلاة، دليله: الأعمى، ومن بينه وبين الإِمام صفوف، أو سارية فلا معنى للمنع من ذلك.
قلت: والرواية السالفة أنه اتخذ حجرة من حصير دالة على أن هذا لا يمنع من الاقتداء.
وفي رواية أخرى: فأمرني فضربت له حصيرًا يصلي عليه (¬1).
وفي أخرى: خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته (¬2).
وفي أخرى: احتجر بخصفة أو حصير في المسجد (¬3).
وفي رواية يحيى بن سعيد عن عمرة عنها: صلى في حجرتي والناس يأتمون به من وراء الحجرة، يصلون بصلاته (¬4). فلعلها كانت أحوالًا.
والحجرة: البيت وكل موضع حجر عليه فهو حجرة.
وفيه من الفقه -أيضًا- ما قاله المهلب: جواز الائتمام بمن لم ينو أن يكون إمامًا في تلك الصلاة؛ لأن الناس ائتموا به - عليه السلام - وراء الحائط ولم يعقد النية معهم على الإمامة، وهو قول مالك والشافعي. وقد سلف.
¬__________
(¬1) رواها أبو داود (1374) كتاب: الصلاة، باب: في قيام شهر رمضان.
(¬2) ستأتي برقم (924) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد.
(¬3) رواها مسلم (781/ 213).
(¬4) رواها أحمد 6/ 30.

الصفحة 618