كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 6)

وهذِه الواقعة كانت بالمدينة، وتأخير المغيرة كان بالعراق كما صرح به هنا. وفي رواية: بالكوفة (¬1).
ثالثها:
قام الإجماع عَلَى عدم تقديم الصلاة عَلَى وقتها إلا شيئًا شاذًّا، روي عن أبي موسى وبعض التابعين، بل صح عن أبي موسى خلافه (¬2).
رابعها:
قوله: (أليس قد علمت). كذا الرواية، وهي جائزة، إلا أن المشهور في الاستعمال الصحيح: ألست، نبه عليه بعض فضلاء الأدب.
خامسها:
قوله: (فصلى، فصلى). ذهب بعضهم إلى أن الفاء هنا بمعنى الواو؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إذا ائتم بجبريل يجب أن يكون مصليًا بعده. وإذا حملت الفاء عَلَى حقيقتها وجب أن يكون مصليًا معه، وهذا ضعيف. والفاء للتعقيب. والمعنى أن جبريل كلما فعل فعلًا تابعه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
¬__________
= قلت: ورد عند البخاري التصريح بأنها صلاة العصر في (3221) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.
(¬1) رواها مالك في "موطئه" 1/ 3 (1) برواية أبي مصعب، والقعنبي (4)، ويحيى الليثي ص 28.
(¬2) نقل الإجماع على ذلك ابن عبد البر في "الاستذكار" 1/ 188، "التمهيد" 8/ 70، وابن هبيرة في "الإفصاح" 1/ 262.
قال ابن عبد البر: وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا شيء روي عن أبى موسى الأشعري وعن بعض التابعين، وقد انعقد الإجماع على خلافه، فلم نر لذكره وجهًا؛ لأنه لا يصح عندي عنهم، وقد صح عن أبي موسى خلافه، بما يوافق الجماعة فصار اتفاقًّا صحيحًا.

الصفحة 96