كتاب صحيح وضعيف تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

١٢٩ / أ - وقد قيل: إن الله جلّ جلاله قال ذلك للملائكة لأنه جلّ جلاله لما ابتدأ في خلق آدم؛ قالوا فيما بينهم: لِيخلقْ ربُّنا ما شاء أن يخلُق، فلنْ يخلُقَ خلقًا إلَّا كنّا أعلم منه، وأكرمَ عليه منه، فلما خلق آدمَ - عليه السلام - وعلَّمَه أسماءَ كلِّ شيء عرَض الأشياء التي علّم آدم أسماءها عليهم، فقال لهم: أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين في قيلِكم: إنّ الله لم يخلق خلقًا إلَّا كنتم أعلمَ منه، وأكرم عليه منه (١). (١: ١٠٠).
١٣٠ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج عن جرير بن حازم، ومبارك عن الحسن وأبي بكر عن الحسن وقتادة، قالا: قال الله عزّ وجلّ للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} قال لهم: إني فاعل، فعَرضوا برأيهم، فعلّمهم علمًا وطوى منهم علمًا علِمه لا يعلمونه، فقالوا بالعلم الذي علّمهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} - وقد كانت الملائكة علمت من علم الله تعالى: أنه لا ذنب عند الله تعالى أعظم من سفك الدماء - {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، فلما أخذ تعالى في خلق آدم - عليه السلام - همست الملائكة فيما بينهم، فقالوا: ليخلقْ ربُّنا عزّ وجلّ ما شاء أن يخلق، فلن يخلُقَ خَلقًا إلَّا كنا أعلمَ منه، وأكرمَ عليه منه، فلما خلقه ونفخ فيه من روحه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا، ففضّله عليهم، فعلموا: أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيرًا منه، فنحن أعلمُ منه، لأنا كنّا قبله، وخلِقت الأمم قبله، فلما أعجبوا بعلمهم ابتلوا، فعلّم آدم الأسماء كلّها ثم عرضهم على الملائكة فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء، إن كنتم صادقين أنّي لم أخلق خلقًا إلَّا كنتم أعلمَ منه، فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالا: ففزع القوم إلى التوبة، وإليها يفزع كل مؤمن، فقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَال يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَال أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}. لقولهم: لِيخلقْ ربنا ما شاء، فلن يخلُقَ خلقًا أكرمَ عليه منّا، ولا أعلم منا، قال: علّمه اسْمَ كل شيء: هذه الخيل، وهذه البغال، والإبل، والجن، والوحش، وجعلَ يسمِّي كلَّ شيء باسمه، وعرضت عليه أمة أمة، قال: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيبَ
---------------
(١) ضعيف.

الصفحة 62