كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَرَحَ آدَمِيًّا وَلَمْ يُتْلِفْهُ إنْ بَلَغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ.
وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مُوَرِّثَهُ، وَإِنْ أَصَابَ مَالًا وَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقَةً، وَأَنَّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ، وَإِنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ سَعَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ ضِيقٌ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ، فَأَمَّا إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى: عَبْدٌ تَاجِرٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَشْرَعَ كَنِيفًا مِنْ دَارِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ حَفَرَ الْعَبْدُ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً بِإِذْنِ الْمَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ فَلَا ضَمَانَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ ضَامِنٌ فِي الْقِيَاسِ لَكِنِّي أَدَعُ الْقِيَاسَ، وَلَا أُضَمِّنُهُ، وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ إذَا بَنَى فِي دَارِ الرَّهْنِ، أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ رَبَطَ فِيهَا دَابَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْعَمَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ، أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ رَبِّ الدَّارِ فَيَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ، وَإِنْ سَقَطَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ هَذَا كَالْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمَبْسُوطِ، وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ أَيْدِيهِمْ آجُرٌّ أَوْ حِجَارَةٌ، أَوْ خَشَبٌ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ سَقَطَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَمَنْ أَشْرَعَ مِيزَابًا فِي الطَّرِيقِ وَسَقَطَ فَأَصَابَ إنْسَانًا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الدَّاخِلُ الَّذِي يَلِي الْحَائِطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ ضَمِنَ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ وَجَبَ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَهُدِرَ النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الطَّرَفَيْنِ أَصَابَهُ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُدِرَ النِّصْفُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ أَشْرَعَ جَنَاحًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، أَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ وَبَرِئَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ وَضَعَ خَشَبَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا رَجُلٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، فَإِنْ وَطِئَ الْمَارُّ عَلَى الْخَشَبَةِ وَوَقَعَ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الزَّلَقَةَ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَنَسَ طَرِيقًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ لَوْ عَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي مَوْضِعٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا إنْسَانٌ فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الَّذِي كَنَسَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ ضَمِنَ، وَلَمْ يُفَصَّلْ قَالُوا: إنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ إذَا مَرَّ الْمَارُّ عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَيْلًا أَوْ أَعْمَى فَعَثَرَ بِهِ وَمَاتَ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَارُّ بِالرَّشِّ وَالصَّبِّ فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَى الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ فَعَثَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا رَشَّ بَعْضَ الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَالْخَشَبَ فِي بَعْضِهِ، فَأَمَّا إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ، أَوْ أَحْدَثَ الْخَشَبَ فِي كُلِّهِ فَمَرَّ عَلَيْهِ وَعَثَرَ بِهِ ضَمِنَ الرَّاشُّ وَالْوَاضِعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاشِّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ

الصفحة 41