كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ وَجَاءَ رَجُلٌ بِحِمَارَيْنِ أَحَدُهُمَا بِيَدِهِ وَتَبِعَهُ الْآخَرُ فَتَزَلَّقَ التَّابِعُ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارُ سَائِقًا لَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِقٍ ضَمِنَ الرَّاشُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

سُئِلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ فَاسْتُنْقِعَ الْمَاءُ فَجَمَدَ فَزَلِقَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ الْجَمْدِ قَالَ: الَّذِي صَبَّ الْمَاءَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ذَابَ الْجَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ جَمْدٌ فَذَابَ وَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ الْخَشَبَ وَيَرْبِطَ فِيهِ الدَّابَّةَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً، أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الِانْتِفَاعُ بِفِنَاءِ دَارِهِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَالتَّنُّورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِالثَّلْجِ الْمَرْمِيِّ بِأَنْ زَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ، فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي آخِرِ جِنَايَاتِ الْعُيُونِ إنْ كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّامِي، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً يَضْمَنُ الَّذِي رَمَى بِالثَّلْجِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا جَوَابُ الْقِيَاسِ وَنَحْنُ نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً، أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ، وَفِي الْعُيُونِ أَنَّهُ يَكُونُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا قَالُوا: إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ بِحَالٍ يَلْحَقُهُمْ حَرَجٌ عَظِيمٌ بِنَقْلِ الثَّلْجِ حَتَّى عُرِفَ الْإِذْنُ بِإِلْقَاءِ الثَّلْجِ وَتَرْكِهِ دَلَالَةً فَالْجَوَابُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِلَّا فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَلْدَةٍ ذَاتِ ثَلْجٍ رُبَّمَا يَكْثُرُ الطِّينُ فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ بِفِنَاءِ دَارِهِ أَوْ قُرْبَ دَارِهِ حَجَرًا فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ تَعَقَّلَ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى حَجَرٍ آخَرَ وَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاضِعٌ فَعَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ عَثَرَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَا يَضْمَنُ الَّذِي عَثَرَ بِهِ، وَلَوْ نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ رَجُلٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ وَضَعَ إنْسَانٌ سَيْفًا فِي الطَّرِيقِ وَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ وَمَاتَ وَانْكَسَرَ السَّيْفُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ وَيَضْمَنُ الْعَاثِرُ قِيمَةَ سَيْفِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ عَثَرَ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى السَّيْفِ فَانْكَسَرَ وَمَاتَ الرَّجُلُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بِالْكَسْرِ شَيْئًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَمَنْ أَوْقَفَ سَبُعًا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ إذَا كَانَ مَرْبُوطًا فَأَصَابَ قَبْلَ حَلِّ الرِّبَاطِ، وَإِذَا أَصَابَ بَعْدَ مَا انْحَلَّ الرِّبَاطُ وَزَالَ عَنْ مَكَانِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَرَحَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ فَعَقَرَهُ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَشْلَى كَلْبًا عَقُورًا عَلَى رَجُلٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

لَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَمْرًا فَاحْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ احْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا إذَا حَرَّكَتْ عَيْنَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَأَمَّا إذَا ذَهَبَتْ بِشَرَرِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ رِيحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ ذَهَبَتْ الرِّيحُ بِعَيْنِهَا، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَقُولُ بِالضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْحَدَّادُ إذَا أَخْرَجَ الْحَدِيدَةَ مِنْ الْكِيرِ وَذَلِكَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى الْقَلَّابِ وَضَرَبَهَا بِمِطْرَقَةٍ فَخَرَجَ شَرَرُهَا إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَحْرَقَتْ رَجُلًا، أَوْ فَقَأَتْ عَيْنَهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ أَحْرَقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَقِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهَا بِالْمِطْرَقَةِ وَلَكِنَّ الرِّيحَ أَخْرَجَتْ شَرَرَهَا فَأَصَابَ مَا أَصَابَ فَهُوَ هَدَرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ كَانَ الْحَدَّادُ أَوْقَدَ النَّارَ عَلَى طَرَفِ حَانُوتِهِ إلَى جَانِبِ طَرِيقٍ عَلَى مَا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ تِلْكَ النَّارَ تَشْتَعِلُ إلَى جَانِبِهَا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى أَحْرَقَتْ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي مِلْكِهِ

الصفحة 42