كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

مِنْهُمْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ رُبُعُ دِيَتِهِ وَسَقَطَ الرُّبُعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا أَعْوَانًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَحْفِرُ وَاحِدًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَفْرِهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ فِي فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ.

لَوْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي مِلْكِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَانْشَقَّ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ مَاءٌ فَغَرِقَتْ أَرْضٌ أَوْ قَرْيَةٌ كَانَ ضَامِنًا، وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَأَفْسَدَ مَتَاعًا، أَوْ زَرْعًا، أَوْ كَرْمًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَقَ حَشِيشًا فِي أَرْضِهِ، أَوْ حَصَائِدِهِ، أَوْ أَجَمَتِهِ فَخَرَجَتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ سَاكِنَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْيَوْمُ رِيحًا يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ تَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا اسْتِحْسَانًا كَمَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِيزَابٍ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ مَتَاعٌ لِإِنْسَانٍ فَفَسَدَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي دَارِهِ، أَوْ تَنُّورِهِ لَا يَضْمَنُ مَا احْتَرَقَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَنَزَّتْ مِنْ ذَلِكَ أَرْضُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يُؤْمَرُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يُحَوِّلَ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالُوا: هَذَا إذَا انْشَقَّ مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ مِنْ صَبِّهِ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فِي الْقِيَاسِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إذَا صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ اسْتَقَرَّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَدَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ صُعُودًا، وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثَقْبٌ أَوْ جُحْرُ فَأْرَةٍ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ حَتَّى فَسَدَتْ أَرْضُ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .

رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ، وَكَانَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةٌ فُوَّهَاتُهَا فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ، وَفَسَدَ بِذَلِكَ أَرْضُ قَوْمٍ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

مَمْلُوكٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ فَفَدَاهُ الْمَوْلَى بِالدِّيَةِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَدْفَعُ كُلَّ الْمَمْلُوكِ، أَوْ يَفْدِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: أَنَا كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَمْ تَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ، وَوَقَعَ فِيهَا فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ كُلَّهُ، أَوْ يَفْدِيَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَهُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ أَحَدِ الْوَاقِعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَفْرِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ فَمَاتَ فَوَارِثُهُ شَرِيكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ وَقَعَ الْعَبْدُ فِيهَا فَمَاتَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ حَفَرَ الْعَبْدُ الْبِئْرَ، وَوَقَعَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ بِوُقُوعِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ

الصفحة 47