كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

حَيْثُ يَدْفَعُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ قَضَاءِ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَتَلَ أَجْنَبِيٌّ هَذَا الْعَبْدَ خَطَأً لَمْ يَغْرَمْ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً لِلْمَالِكِ، ثُمَّ يَدْفَعُهَا الْمَوْلَى إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي.

الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا جَنَى يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ بِيعَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ، فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ نَقَصَ ثَمَنُهُ عَنْ دَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ، فَيُتْبِعُوهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ وَقَدْ قَالُوا: بِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ الْقِيمَةَ فِي الْقِيَاسِ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ إلَى أَوْلِيَاءِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِمْ إنْ كَانَ عَالِمًا كَانَ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَةِ، وَلَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَالْقِيمَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا، وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ وَلَا فَضْلَ فِي الثَّمَنِ عَلَى الدَّيْنِ، فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ هَكَذَا فِي الْحَاوِي.

قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ رَجُلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ مِثْلُ الدَّيْنِ، فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْدِيَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَفْدِي كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَدْفَعَ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ الْجَانِيَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا، وَضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْهِبَةُ، وَالِاسْتِيلَادُ فِي الْأَمَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ

وَلَوْ جَنَتْ أَمَةٌ جِنَايَةً، فَقَالَ الْمَوْلَى: كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ دَبَّرْتُهَا أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِي، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إنْ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا، فَاسِدًا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا حَتَّى يُسَلِّمَهُ، وَلَوْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَهُوَ مُخْتَارٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ بَيْعًا بَاتًّا، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلدِّيَةِ وَلَوْ بَاعَهُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَنَقَضَ الْبَيْعَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا، وَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا بَاتًّا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَلَمْ يُخَاصِمْ فِي الْجِنَايَةِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ إجَازَةَ بَيْعِ الْعَبْدِ بَعْدَ جِنَايَتِهِ فِي يَدِهِ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ لِلْفِدَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَعَلِمَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، فَأَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَنَحْوُهُ يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِيمَا عَلِمَ، وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكَا لِحَقِّهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَ الْجَانِي جَارِيَةً، فَوَطِئَهَا لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ إلَّا إذَا أَحْبَلَهَا، أَوْ كَانَتْ بِكْرًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ التَّزْوِيجَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا كَذَا فِي الْحَاوِي.

وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ وَهَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْعِلْمِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ إنْ بَاعَهُ مَعَ الْعِلْمِ، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْعِلْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ خُوصِمَ فِي الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْعَجْزِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ، ثُمَّ عَجَزَ لَمْ يَرْتَفِعْ الْقَضَاءُ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ أَوْ يَدْفَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَانِ رَجُلًا، فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلدِّيَةِ كُلِّهَا بَلْ نِصْفِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، فَبَاعَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَقَدْ اخْتَارَهُ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَجَزَ، فَبَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَنَى جِنَايَةً، فَقَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ هُوَ عَبْدُكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِفُلَانٍ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ رَهْنٌ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَخَّرَ الْأَمْرَ فِيهِ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً خُوطِبَ بِالدَّفْعِ أَوْ

الصفحة 57