كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

الْفِدَاءِ، فَإِنْ، فَدَاهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ أَخَذَ عَبْدَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ، فَالْغَائِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ، وَدَفَعَ الْأَرْشَ، فَإِنْ أَمْضَى دَفْعَهُ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَرْشَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَبْدَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ فَمَا صَنَعَ الْأَوَّلُ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ، وَكُلُّ قِسْمٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ مَعْرُوفًا لِلْمُقِرِّ أَوْ كَانَ مَجْهُولًا، فَلَوْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، وَالْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ مَعْرُوفٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا، فَيُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ وَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِيهِمَا لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَانَ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا، فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا، فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقِرُّ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَجْهُولًا لَا يُدْرَى أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَمْ لِغَيْرِهِ فَأَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ لَا يُدْرَى أَنَّهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَدَّعِ صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ لَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْعَبْدِ إقْرَارًا أَنَّهُ عَبْدٌ لِصَاحِبِ الْيَدِ إلَّا أَنَّهُ يُقِرُّ بِأَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَنَى هَذَا الْعَبْدُ جِنَايَةً، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّهُ لِرَجُلٍ، فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الْجِنَايَةِ بِإِقْرَارِ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدَ، وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، فَقَالَ الْمَوْلَى: كُنْتُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِفُلَانٍ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ أَنْتَ أَوْ افْدِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ أَمَرَ الْمَوْلَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ، فَأَعْتَقَهُ صَارَ الْمَوْلَى مُخْتَارًا إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ إذَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِإِذْنِ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْجَانِيَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَالَّةً فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَثَّرَ فِيهِ، وَنَقَّصَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَلَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَوْ ضَرَبَ الْمَوْلَى عَيْنَهُ، فَابْيَضَّتْ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوَيَفْدِي، وَلَوْ خُوصِمَ إلَيْهِ فِي حَالَةِ الْبَيَاضِ، فَضَمَّنَهُ الْقَاضِي الدِّيَةَ، ثُمَّ زَالَ الْبَيَاضُ، فَالْقَضَاءُ لَا يُرَدُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ قَتَلَتْ أَمَةٌ رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَصَالَحَ الْمَوْلَى أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهَا صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِلْآخَرِ، فَيَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّوْرِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَوْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى ثُلُثِ الْأَمَةِ كَانَ فِي الْبَاقِي لَهُ خِيَارٌ أَنْ يَدْفَعَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ، وَفِي الْجَامِعِ، وَالدَّوْرِ لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْإِمْلَاءِ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَنَى جِنَايَةً فَشَهِدَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَانِعٌ حِينَ شَهِدَ بِهَذَا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَفِيهِ رَجُلٌ وَرِثَ عَبْدًا أَوْ اشْتَرَاهُ فَجَنَى جِنَايَةً، وَزَعَمَ الْمَوْلَى بَعْدَ جِنَايَتِهِ أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، أَوْ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ مَانِعٌ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِهَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، وَلَمْ تَبْلُغْ النَّفْسَ، فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الْبُرْءِ، ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْجِرَاحَةُ، فَمَاتَ، فَهُوَ مُخْتَارٌ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِذَا جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا، فَخُوصِمَ فِيهِ الْمَوْلَى، فَاخْتَارَ الْعَبْدَ، وَأَعْطَى الْأَرْشَ، ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْجِرَاحَةُ فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ، فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى خِيَارًا مُسْتَقْبَلًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الِاسْتِحْسَانِ إلَى الْقِيَاسِ، وَأَخَذَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَمَا إذَا أَعْطَى الْأَرْشَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَبَيْنَمَا إذَا أَعْطَاهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي قَالَ: إذَا أَعْطَاهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ يُخَيَّرُ خِيَارًا مُسْتَقْبَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْطَاهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَإِنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ الدِّيَةَ طَوْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ

الصفحة 58