كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

وَيَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ حَالًّا، وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبَضَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ رَهَنَهُ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ عَلَيْهِ مِثْلِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِالدَّيْنِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الْجَانِي، وَيَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ.
وَمَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ إلَى يَوْمِ الرَّهْنِ، وَيَبْطُلُ عَنْ الْجَانِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مَثَلًا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَرَهَنَهُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَمَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَالْأَمْرُ كَمَا وَصَفْنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الْجَانِي، وَيَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى الْجَانِي بِنِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَبِنِصْفِ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ إلَى أَنْ رَهَنَهُ، وَيَكُونُ فِي مِلْكِ الْجَانِي، وَيَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى الْجَانِي أَيْضًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ مَاتَ الْعَبْدُ، وَبِنِصْفِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَبِنِصْفِ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ، وَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ خَطَأً، وَكَذَّبَهُ عَاقِلَتُهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوْلَاهُ، فَمَاتَ عِنْدَهُ، فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِيَ قِيمَتَهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ أَقْطَعَ فِي مَالِهِ حَالًّا، وَضَمَّنَ الْجَانِيَ أَرْشَ يَدِهِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْجَانِي نِصْفَ الْعَبْدِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْجَانِي النُّقْصَانَ إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ حُمِلَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ كَانَ عَلَى فَوْرِ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَنَقُولُ: الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ الْقَاتِلَ.
وَلَا سَبِيلَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا لِوَرَثَةِ الْجَانِي، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمَّنَ الْغَاصِبَ مِنْ الِابْتِدَاءِ قِيمَتَهُ أَقْطَعَ، وَلَا قِصَاصَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْقَاطِعِ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي أَرْشُ الْيَدِ فِي مَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَجَنَى فِي يَدِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ، فَجَنَى جِنَايَةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَإِنْ جَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى جِنَايَةً، ثُمَّ غَصَبَهُ فَجَنَى فِي يَدِهِ دَفَعَهُ الْمَوْلَى نِصْفَيْنِ، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا غَصَبَ عَبْدًا، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْلَى هَذِهِ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَةٍ أُخْرَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، فَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى أَعْوَرَ، فَقَتَلَ عِنْدَهُ قَتِيلًا آخَرَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا، فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ الَّتِي فَاتَتْ عِنْدَهُ، فَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا سَلَّمَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِلْأَوَّلِ ضَرَبَ هُوَ فِي الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ بِالدِّيَةِ إلَّا مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ سَالِمٌ لَهُ، فَلَا يَضْرِبُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ، وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِالدِّيَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا أَصَابَ الْأَوَّلَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَعْوَرَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَصَابَ الثَّانِيَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَوْلِيَاءُ الْأَوَّلِ فِيمَا أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِتَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَى مَا فِي يَدِهِ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمِثْلِ مَا أُخِذَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَتَلَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ قَتِيلًا خَطَأً، ثُمَّ اجْتَمَعَ الْمَوْلَى، وَأَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُرَدُّ عَلَى مَوْلَاهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الْعَبْدَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ دَفَعَ أَوْ فَدَى رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ زَادَ عِنْدَ الْغَاصِبِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، وَاخْتَارَ الدَّفْعَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ مَعَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبٍ أَحْدَثَهُ الْعَبْدُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَإِنْ اعْوَرَّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَقَدْ جَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، فَإِنْ اعْوَرَّ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ أَعْوَرَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا، فَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مِنْ الْغَاصِبِ يَأْخُذُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَوْلَى نِصْفَ قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ حَتَّى يُكْمِلَ لَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ اعْوَرَّ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ أَعْوَرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ

الصفحة 63