كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

بِقِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ سَلِمَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً أَوْ عَبْدًا لِمَوْلَاهُ خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِمَوْلَاهُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَعَلَى مَالِهِ فَهَدَرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَهُمَا، وَيُقَالُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: ادْفَعْهُ إلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ حَيًّا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ، أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الْمَقْتُولَ، أَوْ بِقِيمَةِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ هُوَ الْمُتْلَفَ هَكَذَا فِي الْحَاوِي.

وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَجَارِيَةً، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ رَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَى الْمَوْلَى، فَاخْتَارَ دَفْعَهُ، فَإِنَّهُ يَضْرِبُ فِيهِ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِهِ بِالدِّيَةِ، وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِهَا بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى قِيمَتَهُمَا دَفَعَ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا تَمَامَ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ حُقُوقِهِمْ مِنْ قِيمَتِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَأْخُذُ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ تَمَامَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَيَسْتَوْفُونَ مَا بَقِيَ لَهُمْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ أَدَّى قَتِيلَ الْعَبْدِ، وَأَدَّى قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ، وَتَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ غَائِبًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا أَوْ تَمَكَّنَ الْمَوْلَى مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهَا مِنْهُ، فَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إنَّمَا ذَكَرَهَا فِي نُسْخَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي نُسْخَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ إنَّمَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الطَّوِيلَةَ، وَبَيَّنَ التَّقْسِيمَ فِي الْجَوَابِ فَقَالَ: إذَا اغْتَصَبَ عَبْدًا وَجَارِيَةً، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُ قَتِيلًا، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْلَى هَذِهِ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَإِلَى الْغَاصِبِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَجُزْءٌ لِلْغَاصِبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ، فَيَدْفَعُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا.
فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ، فَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: لَا أَضْرِبُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْغُلَامِ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ، فَإِنْ خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ آخُذُ بِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ الْغُلَامَ كُلَّهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهِ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَيَدْفَعُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِهِ قِيمَتَانِ، فَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَدْفَعُ مِنْ الْعَبْدِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ، وَتَرَكَ الْجُزْءَ فِي يَدِهِ حَتَّى إذَا خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَخَذَهَا الْمَوْلَى، وَيَدْفَعُهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ هَذَا الْجُزْءَ إلَى الْغَاصِبِ أَوْ افْدِهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، فَإِنْ دَفَعَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ، فَيَدْفَعُ مِنْهَا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بَدَلَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَإِنْ فَدَاهُ فَإِنَّمَا يَفْدِيهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْقِيمَتَانِ سَوَاءٌ، فَتَكُونُ إحْدَاهُمَا قِصَاصًا بِالْأُخْرَى، وَيَدْفَعُ مَكَانَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: أَنَا أَضْرِبُ فِي الْغُلَامِ بِقِيمَتِهَا دَفَعَ إلَيْهِمَا، فَيَضْرِبُ فِيهِ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ بِقِيمَتِهَا، وَوَلِيُّ قَتِيلِ الْغُلَامِ بِالدِّيَةِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَّا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ أَيْسَرَ أَدَّى إلَى الْمَوْلَى قِيمَةَ الْغُلَامِ، وَقِيمَةَ الْجَارِيَةِ، فَيَدْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْغُلَامِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ بَدَلِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ

الصفحة 64