كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ بِلَا فَصْلٍ لَمْ يَبْطُلْ عَنْ الْمَوْلَى الْقِيمَةُ، وَكَذَا لَوْ عَمِيَ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تَامَّةً كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَعَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إثْبَاتُ مَا يَدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

وَيَضْمَنُ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ جَنَتْ، ثُمَّ جَنَتْ شَارَكَ الثَّانِي الْأَوَّلَ وُجِدَتْ قَبْلَ قَضَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ كَثُرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمُدَبَّرِ، فَالْقِيمَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَاتِ سَوَاءٌ قَرُبَتْ الْمُدَّةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ بَعُدَتْ، فَإِنْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَعَلَى مَوْلَاهُ قِيمَتُهُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَتَيْنِ أَثْلَاثًا، فَإِنْ اكْتَسَبَ كَسْبًا أَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً، فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِأَصْحَابِ الْخَطَأِ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ، فَالْقِيمَةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمْ يَوْمَ جَنَى عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّدْبِيرِ، فَإِذَا قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَتَلَهُ أَلْفٌ، ثُمَّ زَادَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ، فَإِنْ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ مِنْ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ فَضْلَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ، وَهُوَ أَلْفٌ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا، فَيَجْعَلُ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا، فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ سَهْمًا، وَلِلثَّانِي تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَقْتَسِمُونَ الْأَلْفَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَ الْمُدَبَّرِ، فَغَرِمَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا آخَرَ، فَإِنَّ أَرْشَ الْعَيْنِ لِلْمَوْلَى لَا حَقَّ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فِيهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى أَلْفُ دِرْهَمٍ قِيمَتُهُ يَوْمَ جَنَى عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَالْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ يَضْرِبُ فِيهَا الثَّانِي بِالدِّيَةِ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْفَاقِئُ عَبْدًا فَدَفَعَ بِهِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ قَتِيلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً، ثُمَّ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ، فَصَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، فَقَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَوْلَى بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفًا بَقِيَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَخَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا اجْتَمَعَ فِيهَا حَقُّ الْأَوَّلِ، وَحَقُّ الثَّانِي، وَحَقُّ الْأَوَّلِ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَحَقُّ الثَّانِي تِسْعَةُ آلَافٍ، فَتُقْسَمُ الْخَمْسُمِائَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، تِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلثَّانِي، وَعَشَرَةٌ لِلْأَوَّلِ بَقِيَتْ خَمْسُمِائَةٍ أُخْرَى اجْتَمَعَ فِيهَا حَقُّ الْكُلِّ، فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ، فَيَضْرِبُ الثَّالِثُ فِيهَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَالثَّانِي بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا مَا أَخَذَ مَرَّتَيْنِ، وَالْأَوَّلُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا مَا أَخَذَ مَرَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا دَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ عَيْبٌ، ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا آخَرَ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ، فَلَا سَبِيلَ لِلثَّانِي عَلَى الْمَوْلَى، وَلَكِنَّهُ يُتْبِعُ الْأَوَّلَ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلثَّانِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْأَوَّلَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَع الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ رَجَعَ الْمَوْلَى بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا حَفَرَ الْمُدَبَّرُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ، فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ، فَدَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ وَقَعَ آخَرُ هَلْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ إتْبَاعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ إذَا كَانَ عَبْدًا قِنًّا، فَدَفَعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ وَمَاتَ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يُتْبِعُ الْمَوْلَى بِشَيْءٍ سَوَاءٌ دَفَعَ الْمَوْلَى إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ حَتَّى، وَقَعَ آخَرُ أَوْ قَتَلَ آخَرَ، ثُمَّ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَنَّ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي أَنْ يُتْبِعَ الْمَوْلَى، فَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ.
ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ عَلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَوَضْعُ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ سَوْقُهُ الدَّابَّةَ، أَوْ صَبُّ الْمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْحَفْرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

مُدَبَّرٌ جَنَى جِنَايَةً خَطَأً، وَدُفِعَتْ قِيمَتَهُ بِلَا قَضَاءٍ، فَكُوتِبَ فَجَنَى، وَقَضَى بِالْقِيمَةِ، وَلَمْ تُدْفَعْ فَجَنَى أُخْرَى، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مِائَةٍ، فَالْمِائَةُ لِوَلِيِّ الثَّانِيَةِ، وَخُيِّرَ الثَّالِثُ بِأَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ أَوْ يُتْبِعَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ قَتَلَ الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ

الصفحة 66