كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 6)

عَاقِلَةُ الرَّجُلِ أَصْحَابَ رِزْقٍ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ فِي أَرْزَاقِهِمْ، فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُمْ أَرْزَاقُ أَشْهُرٍ مَضَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُمْ أَرْزَاقُ أَشْهُرٍ مَضَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ يُؤْخَذُ مِنْهَا الدِّيَةُ بِالْحِصَّةِ، فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ أَرْزَاقُهُمْ تَخْرُجُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يُؤْخَذُ مِنْ رِزْقِ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفُ سُدُسِ ثُلُثِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ خَرَجَ الرِّزْقُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ مِنْ رِزْقِ ذَلِكَ الشَّهْرِ بِحِصَّةِ الشَّهْرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَرْزَاقٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَعَطَاءٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي عَطِيَّاتِهِمْ دُونَ أَرْزَاقِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.

الْفَرْقُ بَيْنَ الرِّزْقِ، وَالْعَطَاءِ هُوَ أَنَّ الرِّزْقَ مَا يُفْرَضُ لِلنَّاسِ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُقَدَّرًا بِالْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ يُفْرَضُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَكُلِّ يَوْمٍ، وَالْعَطَاءُ مَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيُقَدَّرُ بِجَدِّهِ، وَعَنَائِهِ فِي بَابِ الدِّينِ لَا بِالْحَاجَةِ، وَالْكِفَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَهُ بِهَا عَطَاءٌ، فَلَمْ يُقْضَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ حَتَّى حَوَّلَ دِيوَانَهُ إلَى الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. .

وَلَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَأُخِذَ مِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَوْ لَمْ يُؤْخَذْ ثُمَّ حَوَّلَ اسْمَهُ عَنْهُمْ، فَجُعِلَ فِي دِيوَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ الْعَقْلُ عَلَى دِيوَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلَا يُحَوَّلُ إلَى دِيوَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ عَطَائِهِ بِالْبَصْرَةِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ لَهُ عَطَاءٌ، فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ الْكُوفَةِ، وَاسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَصْرَةِ، وَلَوْ قُضِيَ بِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ الْبَدَوِيُّ إذَا لَحِقَ بِالدِّيوَانِ بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَادِيَةِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي.

إذَا قَتَلَ الْبَدَوِيُّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ خَطَأً فَعَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْبَادِيَةِ فِي عَشِيرَتِهِ، وَقَوْمِهِ يَجْمَعُ ذَلِكَ لَهُ عُرَفَاؤُهُ، وَيُؤْمَرُ وَلِيُّ الدَّمِ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي بِلَادِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ جَنَى جِنَايَةً، فَلَمْ يُقْضَ بِهَا حَتَّى نَقَلَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْمَهُ، فَجَعَلَهُمْ أَهْلَ عَطَاءٍ، وَجَعَلَ عَطَاءَهُمْ الدَّنَانِيرَ ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدَّنَانِيرِ دُونَ الْإِبِلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ قَضَى عَلَيْهِمْ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ نَقَلَهُ الْإِمَامُ، وَقَوْمَهُ إلَى الْعَطَاءِ، وَجَعَلَ عَطَاءَهُمْ الدَّنَانِيرَ أُخِذُوا بِالْإِبِلِ أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ غَيْرُ الْعَطَايَا أُخِذَتْ قِيمَةُ الْإِبِلِ مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ قَلَّتْ الْقِيمَةُ أَوْ كَثُرَتْ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ عَطَاءِ الْكُوفَةِ جَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً، وَقُضِيَ بِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُمَّ أُلْحِقَ قَوْمٌ بِقَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دِيوَانٌ عَقَلُوا مَعَهُمْ، وَدَخَلُوا فِيمَا قُضِيَ، وَفِيمَا لَمْ يُقْضَ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا أَدَّوْا قَبْلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَمَنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً، وَلَمْ يَرْفَعُوا إلَى الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ سِنِينَ قَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي، وَلَوْ تَصَادَقَ الْقَاتِلُ، وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْكُوفَةِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَّبَتْهُمَا الْعَاقِلَةُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَطَاءٌ مَعَهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ فِي الْمَعَاقِلِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً، فَأَقَامَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ: لَا أَعْلَمُ بِبَيِّنَةٍ، فَاقْضِ لِي بِهَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَقَضَى الْقَاضِي بِهَا فِي مَالِ الْمُقِرِّ ثُمَّ وَجَدَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَيِّنَةً، فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ ذَلِكَ إلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: لَا تُعَجِّلْ بِالْقَضَاءِ فِي مَالِهِ لِعَلِيِّ أَجِدُ بَيِّنَةً، فَأَخَّرَهُ الْقَاضِي ثُمَّ، وَجَدَ بَيِّنَةً قَضَى لَهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ، وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ، وَقَبِيلَتُهُ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً مَوْلَاةً لِبَنِي تَمِيمٍ تَحْتَ عَبْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَعَاقِلَةُ الِابْنِ عَاقِلَةُ أُمِّهِ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً، فَلَمْ يَقْضِ بِهَا الْقَاضِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ حَتَّى عَتَقَ الْأَبُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَوِّلُ، وَلَاءَهُ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ ثُمَّ يَقْضِي

الصفحة 85