كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 6)

لما بعث الله نبيّه صلى الله عليه وسلم أنزل عليه فرائضه كما شاء {لاَ مَعَقَّبِ لِحُكْمِهِ}.
ويقال - والله أعلم - أن أول ما أنزل الله عليه من كتابه : {اقرأ باسم ربك الذي خلق}.
ثم أنزل عليه بعدها لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين فمرت لذلك مدة ثم يقال أتاه جبريل عليه السلام عن الله بأن يعلمهم نزول الوحي إليه ويدعوهم إلى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب يُتُثَاول فنزل عليه {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أٌُ نْزِلَ إِلَيكْ من رَّبَّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتُهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِن النَّاس}.
فقال : يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حتى تبلغ ما أنزل إليك فبلغ ما أُمر به فاستهزأ به قوم فنزل عليه {فَاًْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عنِ الْمُشْرِكينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِءينَ}.
وأعلمه من أعلمه منهم أنه لا يؤمن بالله فقال : {وقالوا لن نؤمن لك}.
وأنزل الله فيما ثبته به إذ ضاق من أذاهم.
{ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
فعرض عليه إبلاغهم وعبادته ولم يفرض عليه قتالهم وأبان ذلك في غير آية من كتابه ولم يأمره بعزلتهم وأنزل عليه {قل يا أيها الكافرون}.

الصفحة 493