كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 6)

عند مسلم من رواية عبد الله بن دينار، وكذا عندهما من رواية الزّهريّ عن سالم، وعند مسلم من رواية محمّد بن عبد الرّحمن عن سالم بلفظ " مره فليراجعها، ثمّ ليطلقها طاهراً أو حاملاً ".
قال الشّافعيّ: غير نافع إنّما روى " حتّى تطهر من الحيضة التي طلَّقها فيها , ثمّ إن شاء أمسك وإن شاء طلَّق " رواه يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسالم.
قلت: وهو كما قال، لكنّ رواية الزّهريّ عن سالم موافقة لرواية نافع، وقد نبّه على ذلك أبو داود، والزّيادة من الثّقة مقبولة. ولا سيّما إذا كان حافظاً.
وقد اختلف في الحكمة في ذلك.
فقال الشّافعيّ: يحتمل أن يكون أراد بذلك - أي بما في رواية نافع - أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلَّقها فيها بطهرٍ تامّ , ثمّ حيض تامّ. ليكون تطليقها وهي تعلم عدّتها إمّا بحملٍ أو بحيضٍ.
أو ليكون تطليقها بعد علمه بالحمل وهو غير جاهل بما صنع , إذ يرغب فيمسك للحمل , أو ليكون إن كانت سألت الطّلاق غير حامل أن تكفّ عنه.
وقيل: الحكمة فيه أن لا تصير الرّجعة لغرض الطّلاق، فإذا أمسكها زماناً يحلّ له فيه طلاقها ظهرت فائدة الرّجعة، لأنّه قد يطول مقامه معها، فقد يجامعها فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها فيمسكها.

الصفحة 13