كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 6)

تحيض حيضة أخرى ثمّ تطهر لتكون الرّجعة للإمساك لا للطّلاق.
ويؤيّد ذلك: أنّ الشّارع أكّد هذا المعنى حيث أمر بأن يمسكها في الطّهر الذي يلي الحيض الذي طلَّقها فيه، لقوله في رواية عبد الحميد بن جعفر " مُره أن يراجعها فإذا طهرت أمسكها حتّى إذا طهرت أخرى , فإن شاء طلَّقها وإن شاء أمسكها " فإذا كان قد أمره بأن يمسكها في ذلك الطّهر. فكيف يبيح له أن يطلقها فيه؟ , وقد ثبت النّهي عن الطّلاق في طهر جامعها فيه.
قوله: (فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسّها) في رواية مالك " ثمّ إن شاء أمسك بعد , وإن شاء طلق قبل أن يمسّ " وفي رواية أيّوب " ثمّ يطلقها قبل أن يمسّها " وفي رواية عبيد الله بن عمر " فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها أو يمسكها " ونحوه في رواية الليث.
وفي رواية محمّد بن عبد الرّحمن عن سالم " ثمّ ليطلقها طاهراً أو حاملاً ". وتمسّك بهذه الزّيادة من استثنى من تحريم الطّلاق في طهر جامع فيه ما إذا ظهر الحمل فإنّه لا يحرم.
والحكمة فيه: أنّه إذا ظهر الحمل فقد أقدم على ذلك على بصيرة فلا يندم على الطّلاق، وأيضاً فإنّ زمن الحمل زمن الرّغبة في الوطء فإقدامه على الطّلاق فيه يدلّ على رغبته عنها، ومحلّ ذلك أن يكون الحمل من المطلق، فلو كان من غيره بأن نكح حاملاً من زناً ووطئها ثمّ طلَّقها أو وطئت منكوحة بشبهةٍ ثمّ حملت منه فطلقها زوجها فإنّ

الصفحة 15