كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 6)

قوله: (فأفتاني بأني قد حللتُ حين وضعتُ حملي، وأمرني بالتّزويج إن بدا لي).
قال جمهور العلماء من السّلف وأئمّة الفتوى في الأمصار: إنّ الحامل إذا مات عنها زوجها تحلُّ بوضع الحمل. وتنقضي عدّة الوفاة.
وخالف في ذلك عليٌّ. فقال: تعتد آخر الأجلين.
ومعناه أنّها إن وضعت قبل مضيّ أربعة أشهرٍ وعشرٍ تربّصت إلى انقضائها. ولا تحل بمجرّد الوضع , وإن انقضت المدّة قبل الوضع تربّصت إلى الوضع , أخرجه سعيد بن منصورٍ وعبد بن حميد عن عليّ بسند صحيح.
وبه قال ابن عبّاسٍ كما في الصحيحين (¬1) , ويقال إنّه رجع عنه , ويقوّيه أنّ المنقول عن أتباعه وفاق الجماعة في ذلك.
وفي البخاري معلَّقاً. ووصله الطبراني والبيهقي , أنَّ عبد الرّحمن بن أبي ليلى أنكر على ابن سيرين القول بانقضاء عدّتها بالوضع , وأنكر أن يكون ابن مسعود قال بذلك.
وقد ثبت عن ابن مسعودٍ من عدّة طرقٍ , أنّه كان يوافق الجماعة , حتّى كان يقول: من شاء لاعنته على ذلك.
فقد أخرج أبو داود وابن أبي حاتم من طريق مسروق قال: بلغ ابنَ مسعود أنّ عليّاً يقول: تعتدّ آخر الأجلين، فقال: من شاء لاعنته أنّ التي في النّساء القصرى أنزلت بعد سورة البقرة، ثمّ قرأ (وأولات
¬__________
(¬1) انظر ما تقدّم في التعليق الماضي.

الصفحة 50