كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 6)

قال: ويردّ عليه. أنّا إذا أجزنا في كلّ حقّ من حقوق الله أن يزاد على العشر لَم يبق لنا شيء يختصّ المنع به، لأنّ ما عدا الحرمات التي لا يجوز فيها الزّيادة هو ما ليس بمحرّمٍ، وأصل التّعزير أنّه لا يشرع فيما ليس بمحرّمٍ فلا يبقى لخصوص الزّيادة معنىً.
قلت: والعصريّ المشار إليه أظنّه ابن تيميّة.
وقد تقلَّد صاحبه ابن القيّم المقالة المذكورة , فقال: الصّواب في الجواب. أنّ المراد بالحدود هنا الحقوق التي هي أوامر الله ونواهيه، وهي المراد بقوله {ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظّالمون} وفي أخرى {فقد ظلم نفسه} وقال {تلك حدود الله فلا تقربوها} وقال {ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً}.
قال: فلا يزاد على العشر في التّأديبات التي لا تتعلق بمعصيةٍ كتأديب الأب ولده الصّغير.
قلت: ويحتمل أن يفرّق بين مراتب المعاصي، فما ورد فيه تقدير لا يزاد عليه وهو المستثنى في الأصل، وما لَم يرد فيه تقدير.
فإن كان كبيرة جازت الزّيادة فيه , وأطلق عليه اسم الحدّ كما في الآيات المشار إليها والتحق بالمستثنى. وإن كان صغيرة فهو المقصود بمنع الزّيادة.
فهذا يدفع إيراد الشّيخ تقيّ الدّين على العصريّ المذكور - إن كان ذلك مراده - وقد أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة بالتّعزير بلفظ: لا تعزّروا فوق عشرة أسواط.

الصفحة 556