كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 6)

وهذا التّعقّب مردود لِمَا قلناه، ولاحتمال أن يكون أبو داود كان لا يخصّ المراسيل برواية التّابعيّ كما هو منقول عن غيره أيضاً.
واستدل به للأصحّ عند الشّافعيّة , في أن لا إحداد على المطلقة، فأمّا الرّجعيّة فلا إحداد عليها إجماعاً.
وإنّما الاختلاف في البائن.
القول الأول: قال الجمهور: لا إحداد.
القول الثاني: وقالت الحنفيّة وأبو عبيد وأبو ثور: عليها الإحداد قياساً على المتوفّى عنها، وبه قال بعض الشّافعيّة والمالكيّة.
واحتجّ الأوّلون: بأنّ الإحداد شرع لأنّ تركه من التّطيّب واللبس والتّزيّن يدعو إلى الجماع , فمنعت المرأة منه زجراً لها عن ذلك , فكان ذلك ظاهراً في حديث الميّت , لأنّه يمنعه الموت عن منع المعتدّة منه عن التّزويج ولا تراعيه هي ولا تخاف منه، بخلاف المطلِّق الحيّ في ذلك، ومن ثَمَّ وجبت العدّة على كلّ متوفّىً عنها , وإن لَم تكن مدخولاً بها , بخلاف المطلقة قبل الدّخول فلا إحداد عليها اتّفاقاً , وبأنّ المطلقة البائن يمكنها العود إلى الزّوج بعينه بعقدٍ جديد.
وتعقّب: بأنّ الملاعنة لا إحداد عليها.
وأجيب: بأنّ تركه لفقدان الزّوج بعينه لا لفقدان الزّوجيّة.
واستدل به على جواز الإحداد على غير الزّوج من قريب ونحوه ثلاث ليالٍ فما دونها وتحريمه فيما زاد عليها، وكأنّ هذا القدر أبيح لأجل حظّ النّفس ومراعاتها وغلبة الطّباع البشريّة، ولهذا تناولت أمّ

الصفحة 65