كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 6)
أَوْ الْإِنْكَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُعَيَّنٍ أَمْ لَا وَهَذَا مُجْمَلٌ وَقَوْلُهُ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ تَفْصِيلٌ لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَيَقُولَ: فَيَجُوزُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ إلَى آخِرِهِ وَإِذَا جَازَ عَنْ الدَّيْنِ فَأَحْرَى عَنْ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ إلَخْ أَيْ عَلَى أَخْذِ غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ لِمَا ادَّعَى بِهِ أَوْ إجَارَةٌ لِغَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ وَعَلَى أَخْذِ بَعْضِهِ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْبَاقِي فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَفِي قَبُولِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ لَغْوُهُ فَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى إلَخْ تَقْسِيمٌ لِلصُّلْحِ لَا تَعْرِيفٌ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ أَيْ إبْرَاءٌ لِأَنَّهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَكِنْ الْإِبْرَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَوْزٍ.
(ص) وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ (ش) هَذَا صُلْحٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ ذَلِكَ الدَّيْنُ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَهَبٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَيْهِ بِعَرْضٍ حَالٍّ وَمِثَالُ مَا لَا يَجُوزُ كَمُصَالَحَةِ مُنْكِرِ مَالٍ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَقَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ مُؤَجَّلٍ لِلنَّسَاءِ فِي الطَّعَامِ فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَيَنْفُذُ إنْ وَقَعَ بِالْمَكْرُوهِ وَلَوْ أَدْرَكَ بِحَدَثَانِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْفَسِخُ بِحَدَثَانِهِ وَيَنْفُذُ مَعَ الطُّولِ كَصُلْحٍ عَنْ دَيْنٍ بِثَمَرَةِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَدْ أَزْهَتْ وَاشْتُرِطَ أَخْذُهَا تَمْرًا وَنَفَّذَ أَصْبَغُ الْحَرَامَ وَلَوْ بِالْحَدَثَانِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكْرُوهِ هُنَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْحَرَامِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ حَقِيقَةً جَائِزٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ فَسْخٌ فِي قُرْبٍ وَلَا بُعْدٍ وَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تَتَأَتَّى هُنَا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ يُؤَدِّي الصُّلْحُ إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَوْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرٍ فَيُقِرُّ بِذَلِكَ ثُمَّ يُصَالِحُهُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ نَقْدًا وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرٍ فَيُصَالِحُهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَكُونُ الْأَوَّلُ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَالثَّانِي لَا يَكُونُ إلَّا فِي غَيْرِ الْعَيْنِ وَمِثَالُ الثَّالِثِ أَنْ يُصَالِحَهُ بِدَرَاهِمَ عَنْ ذَهَبٍ مُؤَخَّرٍ وَبِالْعَكْسِ.
(ص) وَعَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ إنْ حَلَّا وَعَجَّلَ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ بِالذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَبِالْعَكْسِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ حَالَّةٍ فَأَقَرَّ بِهَا وَصَالَحَهُ عَنْهَا بِفِضَّةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشَرْطِ حُلُولِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتَعْجِيلُ الْمُصَالَحِ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ أَمْرَانِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالْفِعْلِ فَالضَّمِيرُ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ إنْ حَلَّا لِلْمُصَالَحِ بِهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالضَّمِيرُ الْغَائِبُ فِي عَجَّلَ لِلْمُصَالَحِ بِهِ فَمَعْنَى الْحُلُولِ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ فَإِنْ اُشْتُرِطَ تَأْخِيرُهُ فَسَدَ وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتَفِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ عَنْ شَرْطِ الْحُلُولِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَقَدْ يُعَجِّلُ مَا لَيْسَ حَالًّا.
(ص) كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَنْ مِائَتَيْهِمَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَعَنْ بَعْضِهِ هِبَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَصَالَحَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَتَرَكَ بَعْضَهُ إذَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ مِنْ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَنَبَّهَ بِهَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُعَيَّنٍ) أَيْ عَنْ مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهُ بِسُكْنَى دَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مَحْمَلٌ أَيْ وَقَوْلُهُ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ تَفْصِيلٌ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَيَقُولَ: فَيَجُوزُ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ إلَخْ وَإِذَا جَازَ عَنْ دَيْنٍ فَأَحْرَى عَنْ الْمُعَيَّنِ وَيُوجَدُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ الْإِبْرَاءُ إلَخْ) فِي عب خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ لَا إبْرَاءٌ حَتَّى يَكُونَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِقَبُولٍ وَمِثْلُهُ فِي شب وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ أَنَّ صُلْحَ الْمُنْكِرِ بِبَعْضِ الْحَقِّ إقْرَارٌ بِجَمِيعِهِ كَمَا تَقُولُ الْعَامَّةُ نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تِلْكَ الْهِبَةَ كَانَ لَهُ النَّقْضُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ هِبَةٌ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ احْتِرَازًا عَنْ الْبَعْضِ الْمَأْخُوذِ فَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الصُّلْحُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ بِمَا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ بِمَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ لَا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الَّذِي إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ مُنْكِرِ مَالٍ) هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ حَالًّا (قَوْلُهُ مُؤَجَّلٍ) صِفَةٌ لِقَمْحٍ وَلَوْ أُبْقِيَتْ الْعِبَارَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَامْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ إلَخْ) وَيَرْجِعَانِ لِلْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ مُطَرِّفٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ وَغَيْرِهِ وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ حَقِيقَةً) أَيْ مَا كَانَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ (قَوْلُهُ وَكَرَاهَةُ) الْمَعْنَى لِلتَّفْرِيعِ فَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تَأْتِي هُنَا أَيْ فِيمَا حَكَمْنَا فِيهِ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَعَنْ ذَهَبٍ) كَدِينَارٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي ذِمَّةِ مُنْكِرٍ أَوْ مُقِرٍّ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ كَصُلْحٍ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي ذِمَّةِ مُنْكِرٍ أَوْ مُقِرٍّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْمُصَنِّفُ مَعَ كَوْنِهِ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَجَازَ إلَخْ لِيُصَرِّحَ بِشَرْطِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ عَنْ وَرِقٍ بِوَرِقٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى إنْكَارٍ يَكُونُ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحُلُولِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَيَصْدُقُ الْمَنْطُوقُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ) مَفْهُومُهُ لَوْ أَخَذَ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِينَارًا نَقْدًا جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ قَضَاءٌ وَالدِّينَارُ بَيْعٌ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَخَذَ الْمِائَةَ وَتَأَخَّرَ الدِّينَارُ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ دِينَارٍ وَالْمِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ
الصفحة 3
240