كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 6)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سِنِينَ أَبِي جَمِيلَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: فَجِئْت بِهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ فَقَالَ: وَجَدْتهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتهَا فَقَالَ لَهُ عَرِيفُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقَضَاءُ فِي الْمَنْبُوذِ]
(ش) : قَوْلُهُ: مَنْبُوذًا فَجِئْت بِهِ عُمَرَ، الْمَنْبُوذُ: هُوَ الْمَطْرُوحُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِيءُ بِهِ إلَى عُمَرَ لِيُعْلِمَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ بِهِ لِيَسْتَفْتِيَهُ فِي أَمْرِهِ وَلِيَسْأَلَهُ الْحُكْمَ لَهُ بِوَلَائِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا حَمَلَك عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: اتَّهَمَهُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ أَتَى بِهِ لِكَيْ يَفْرِضَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ أَخْذِهِ لَهُ وَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى أَنْ يَفْرِضَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَلِي هُوَ أَمْرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخَافَ التَّسَرُّعَ إلَى أَخْذِ الْأَطْفَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْبَذُوا حِرْصًا عَلَى أَخْذِ النَّفَقَةِ لَهُمْ وَرَغْبَةً فِي مُوَالَاتِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ لِئَلَّا يَلْتَقِطَهُ مِنْ عِيَالِهِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا ادَّعَى اللَّقِيطُ مُلْتَقَطَهُ فَلَا قَوْلَ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَاهُ مُلْتَقَطِهِ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَتْ هُنَاكَ شُبْهَةً تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ بِهِ نَسَبٌ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةَ الِالْتِقَاطِ

الصفحة 2