كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 6)

على الخلاف فيما لو باع مال أبيه على أنه حي فكان ميتا، والطلاق أولى بالنفوذ. وأنه لو قال لرجل: أمر امرأتي بيد الله تعالى وبيدك، يسأل، فإن قال: أردت أنه لا يستقل بالطلاق، قبل قوله ولم يكن له أن يطلق، وإن قال: أردت أن الامور كلها بيد الله تعالى، والذي أثبته الله لي جعلته في يدك، قبل واستقل ذلك الرجل. وأنه لو قال: كل أمر لي عليك قد جعلته بيدك، فعندي أن هذا ليس بتفويض صريح، وأنه ليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا ما لم ينو هو الثلاث. وأنه لو قال لها: اختاري اليوم وغدا وبعد غد، فالمضاف إلى الزمن المستقبل ينبغي أن يكون على الخلاف، في أن التفويض عليك أم توكيل ؟ إن قلنا: تمليك، لم يحتمل التراخي كالبيع، وإلا فهو كتوكيله بالبيع اليوم وغدا وبعد غد، فعلى هذا، له الرد في بعض الايام دون بعض.
فصل قال: طلقي نفسك ونوى الثلاث، فقالت: طلقت نفسي ونوت الثلاث، وقع الثلاث. وإن لم تنو هي العدد، فهل يقع واحدة أم الثلاث ؟ وجهان. أصحهما: واحدة. ولو قال: طلقي نفسك ثلاثا، فقالت: طلقت أو طلقت نفسي ولم تلفظ بالعدد ولا نوته، وقع الثلاث، لان قولها هنا جواب لكلامه، فهو كالمعاد في الجواب، بخلاف ما إذا لم يتلفظ هو بالثلاث ونوتها، لان المنوي لا يمكن تقدير عوده في الجواب، فإن التخاطب باللفظ لا بالنية. وفيه احتمال للامام، أنه لا يقع إلا واحدة. ولو فوض بكناية ونوى عددا وطلقت هي بالكناية ونوت العدد، وقع ما نوياه. فلو نوى أحدهما عددا، والآخر عددا آخر، وقع الاقل. ولو قال: طلقي نفسك ثلاثا، فطلقت واحدة أو ثنتين، وقع ما أوقعته. ثم إن أوقعت واحدة فراجعها في الحال. قال البغوي في الفتاوى: لها أن تطلق ثانية وثالثة، لانه لا فرق بين أن تطلق الثلاث دفعة، وبين قولها: طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة، فلا يقدح تخلل الرجعة بين الطلقتين. ولو قال: طلقي واحدة، فقالت: طلقت ثلاثا أو ثنتين، وقعت واحدة، والحكم في الطرفين في توكيل الاجنبي كما ذكرنا. قلت: وحكى صاحب المهذب وغيره وجها في الوكيل: إذا زاد أو نقص، لا يقع شئ لانه متصرف بالاذن ولم يؤذن في هذا. والله أعلم.

الصفحة 49