صرح الغزالي باختصاص هذه الولاية بالاب والجد، كولاية الاجبار في النكاح، وذكر البغوي في ثبوتها أيضا للاخ والعم وجهين. قلت: أرجحهما ثبوتها. والله أعلم. وإن كانت ثيبا، فالاولى أن تكون عند الابوين، أو أحدهما، ولا تجبر على ذلك باتفاق الاصحاب، لانها صاحبة اختيار وممارسة، وبعيدة عن الخديعة، وهذا إذا لم تكن تهمة، ولم تذكر بريبة، فإن كان شئ من ذلك، فللاب والجد ومن يلي تزويجها من العصبات منعها من الانفراد، ثم المحرم منهم يضمها إلى نفسه إن رأى ذلك، وغير المحرم يسكنها موضعا يليق بها، ويلاحظها دفعا للعار عن النسب، كما يمنعونها نكاح غير الكف ء، وأثبت البغوي للام ضمها إليها عند الريبة، كما أثبتها للعصبة، ولو فرضت التهمة في حق البكر، فهي أولى بالاحتياط، فتمنع من الانفراد بلا خلاف، ونقل في العدة عن الاصحاب أن الامرد إذا خيف من انفراده فتنة، وانقدحت تهمة، منع من مفارقة الابوين. قلت: الجد كالابوين في حق الامرد، وكذا ينبغي أن يكون الاخ والعم ونحوهما لاشتراك الجميع في المعنى. والله أعلم. فرع إذا ادعى الولي ريبة، وأنكرت، فقد ذكر احتمالان، أحدهما: لا يقبل قوله لان الحكم على الحرة العاقلة بمجرد الدعوى بعيد، وأصحهما: يقبل ويحتاط بلا بينة، لان إسكانها في موضع البراءة أهون من الفضيحة لو أقام بينة. فصل إنما يحكم بأن الام أحق بالحضانة من الاب في حق من لا تمييز له أصلا، وهو الصغير في أول أمره، والمجنون، فأما إذا صار الصغير مميزا، فيخير بين الابوين إذا افترقا، ويكون عند من اختار منهما، وسواء في التخيير الابن والبنت، وسن التمييز غالبا سبع سنين، أو ثمان تقريبا، قال الاصحاب: وقد يتقدم التمييز عن السبع وقد يتأخر عن الثمان، ومدار الحكم على نفس التمييز، لا على سنه، وإنما يخير بين الابوين إذا اجتمع فيهما شروط الحضانة، بأن يكونا مسلمين حرين عاقلين عدلين مقيمين في وطن واحد على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأن