كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 6)

غرابا، فعبدي حر، وأشكل، فلكل واحد منهما التصرف في عبده، فإن ملك أحدهما عبد الآخر بشراء أو غيره، واجتمع عنده العبدان، منع التصرف فيهما ويؤمر بتعيين العتق في أحدهما، كما لو كانا في ملكه وعلق التعليقين، وعليه البحث عن طريق البيان، وفي وجه: إنما يمتنع التصرف في الذي اشتراه، فلا يتصرف فيه حتى يحصل البيان، ولا يمتنع التصرف في الاول. قلت: هذان الوجهان نقلهما الامام وآخرون، ورجحوا الاول، وبه قطع المتولي، لكن قطع الشيخ أبو حامد وسائر العراقيين، أو جماهيرهم، بأن العتق يتعين في العبد المشترى، ويحكم بعتقه إذا تم تملكه ظاهرا، ولكن الاول أفقه. والله أعلم. ولو باع أحدهما عبده، ثم اشترى عبد صاحبه، قال في البسيط: لم أره مسطورا، والقياس أن ينفذ تصرفه فيه، لان بيع الاول لواقعة انقضت، وتصرفه في الثاني واقعة أخرى، كما لو صلى إلى جهتين باجتهادين. قلت: أما على طريقة العراقيين التي نقلتها، فيعتق عليه الثاني بلا شك، وأما على الطريقة الاخرى، فيحتمل ما قاله في البسيط، ويحتمل بقاء الحجر في الثاني حتى يتبين الحال، وهو قريب من الخلاف فيما إذا اشتبه إناءان فانصب أحدهما، هل يجتهد في الثاني، أم يأخذ بطهارته، أم يعرض عنه، والاقيس بقاء الحجر احتياطا للعتق، ولان الاموال وغراماتها أشد من القبلة وسائر العبادات، ولهذا لا يعذر الناسي والجاهل في الغرامات، ويعذر في كثير من العبادات، ويؤيد ما ذكرته أن إقدامه على بيع عبده كالمصرح بأنه لم يعتق، وأن الذي عتق هو عبد الآخر، وقد سبق أنه لو صرح بذلك، عتق عليه عبد صاحبه إذا ملكه قطعا، وقد ذكر الغزالي في الوسيط: احتمالين، أحدهما: ما ذكره في البسيط. والثاني: خلافه وهو يؤيد ما قلته. والله أعلم. هذا كله إذا لم يصدر منه غير التعليق السابق، فإن قال للآخر: حنثت في يمينك، فقال: لم أحنث، ثم ملك عبده، حكم عليه بعتقه قطعا لاقراره بحريته، ولا رجوع له بالثمن إن كان اشتراه. ولو صدر هذان التعليقان من شريكين في عبد، فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى في كتاب العتق.

الصفحة 93