كتاب صحيح البخاري - ط الشعب (اسم الجزء: 6)

فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً ، وَلاَ كَثِيرًا , وَوُعِكْتُ , فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي ، فَأَرْسَلَ مَعِي الغُلاَمَ , فَدَخَلْتُ الدَّارَ ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ ، فَقَالَتْ أُمِّي : مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ ؟ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الحَدِيثَ ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّي ، فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّةُ ، خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ , فَإِنَّهُ وَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا , لَهَا ضَرَائِرُ , إِلاَّ حَسَدْنَهَا ، وَقِيلَ فِيهَا : وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي ، قُلْتُ : وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي ، وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ ، فَنَزَلَ , فَقَالَ لأُمِّي : مَا شَأْنُهَا ؟ قَالَتْ : بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، قَالَ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَيْ بُنَيَّةُ , إِلاَّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ , فَرَجَعْتُ ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي , فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي ، فَقَالَتْ : لاَ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا , إِلاَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ ، فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا ، أَوْ : عَجِينَهَا ، وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : اصْدُقِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ ، فَقَالَتْ : سُبْحَانَ اللهِ , وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ ، وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلَِ الَّذِي قِيلَ لَهُ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ , وَاللهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَتْ : وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي ، فَلَمْ يَزَالاَ , حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، يَا عَائِشَةُ , إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا , أَوْ ظَلَمْتِ , فَتُوبِي إِلَى اللهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ , قَالَتْ : وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ , فَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ ،

الصفحة 135