كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

ومسؤول عن رعيّته؟ وأن الأب راع لأولاده مسؤول عن تربيتهم وتنشئتهم على الدين والفضيلة والأخلاق الإسلامية؟ فهل قام الآباء بواجب هذه الرعاية، أم أضاع الآباء سلطانهم وفقد الأزواج مكانهم، ولم يبقَ لربّ بيت سلطة على بيته ولا لرجل حكم على أهله ... (إلى أن قلت): ماذا أُعَدّد وماذا أقول؟ أين نحن من المسلمين الأوّلين الذين كانوا مسلمين حقاً يحكمون بما أنزل الله؟ فهل نحكم نحن بما أنزل الله؟ ويتّبعون شرع الله، فهل نتّبع نحن شرع الله؟ ويريدون بأعمالهم كلها وجه الله، فهل نريد نحن بأعمالنا وجه الله؟
يا أيها السامعون، ليس العجيب أن يمنع الله عنّا المطر، ولكن العجيب أن لا تنزل علينا الحجارة والصواعق! فيا أيها الناس، عودوا إلى الله واعتبروا. يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروا.
ارجعوا إلى الله فاطلبوا منه المطر واسألوه الغيث، فإذا لم يبعث الله المطر فمَن غيرُ الله يأتيكم بالمطر؟ وإن حفرتم فلم تجدوا ماء ووجدتم ماء الأرض قد غار والعيون قد جفّت، فمَن غير الله يضع لكم الماء في الأرض؟ أإلهٌ مع الله تراجعونه؟ أفي الوجود مُلك غير مُلك الله تفرّون إليه، كما يفرّ اللاجئ السياسي من دولة إلى دولة؟ {يا مَعشرَ الجنِّ والإنْسِ إنِ اسْتَطعتم أنْ تنفُذُوا منْ أقطارِ السّماواتِ والأرضِ فانفُذُوا}. وإلى أين؟ والسماوات والأرض وما بينهما وما فيهما كلّ ذلك له وحده لا شريك له.
فلم يبقَ إلاّ الرجوع إليه واتّباع سنّة رسوله بالاستسقاء. إن المسلمين الأوّلين كانوا إذا انقطع المطر تابوا إلى الله من الذنوب،

الصفحة 23