كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

إلى أن جاء القائد الإنكليزي رفلس إلى مدينة ريو وسأل سلطان جوهور منحه جزيرة سنغافورة ليجعلها ميناء تجارياً، وقد مرّ بكم الخبر.
من ذلك التاريخ بدأ الإنكليز يتدخلون في جوهور عن طريق السلطان حسين الذي نصبوه سلطاناً وهو عميل لهم، كما أقام الهولنديون السلطان عبد الرحمن وهو يعمل لمصلحتهم، فكان مقرّ الأول مدينة سنغافورة ومقرّ الثاني مدينة ريو. استمرّ ذلك إلى سنة 1862 التي تولّى فيها الملك السلطان أبو بكر، فدبّت في جوهور حياة جديدة شملت المرافق كلها، فأُنشئت المدارس والمستشفيات وبُنيت المساجد وأُصلحت طرق المواصلات، وعمل على تحسين حال الزراعة في البلاد. وفي أواخر حياته سنة 1895 أقرّ الدستور وجعل الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للبلاد.
وكان هذا السلطان بعيد النظر بارع السياسة عالي الهمّة، عمل على تحسين صلاته بالدول المجاورة له، ثم ساح في بلاد الله، فذهب في آذار (مارس) سنة 1866 إلى أوربا وقابل الملكة فكتوريا ودرس الحياة الإنكليزية والأنظمة القائمة فيها، ثم سافر في شباط (فبراير) سنة 1893 إلى أوربا مرّة أخرى وطاف بإنكلترا وألمانيا وإيطاليا ودول البلقان، وزار تركيا وقابل السلطان عبدالحميد فأكرمه وأنعم عليه بوشاح من الدرجة الأولى. وكان قد سافر قبل ذلك سنة 1883 إلى الشرق لزيارة الصين واليابان، وقابل «الميكادو» إمبراطور اليابان، وأسلم على يديه في هذه الرحلة خمسة من وجوه اليابانيين.

الصفحة 269