كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

برجه ويقبّل الصبي ويقدّم له قطعة شكلاطة (¬1)؟
فهل تظنّون أن أمةً هؤلاء أطفالُها تعجز عن أن تنال استقلالها بأيديها، أو تظنّون أنها بعدما نالت استقلالها من فرنسا تعجز عن قتال هذه الحفنة من كلاب الأرض: اليهود؟ أتعجز عنهم وقد حاربنا فرنسا لمّا كانت أقوى دولة برّية في العالَم، ولم تستطع فرنسا أن تجتاز النهر الذي كان عرضه أربعة أمتار، نهر تورا، إلا بعد ثمانية عشر شهراً؟ لقد غلبنا فرنسا في معارك استمرّت سنتين، فهل نجزع من حرب اليهود؟
يا أيها الناس، إننا لم ننهزم أمام اليهود في فلسطين، ولكن انهزمَت أخلاقنا المستعارة لا أخلاقنا الأصيلة؛ انهزمنا أمام ضغط الأقوياء الذين يحمون ظهور اليهود ويمدّون بالمال وبالقوة اليهود، فإلى السلاح يا عرب؛ إلى السلاح، ابذلوا في سبيله الغالي والرخيص، إلى السلاح، بيعوا الصحن والكرسي واشتروا السلاح، وامنعوا عن أفواهكم وابذلوا للسلاح، فإنه إن كان معكم السلاح استرجعتم كل ما بذلتم، وإن لم يكن معكم سلاح لن ينفعكم كل ما ادّخرتموه. إلى السلاح، اشتروه من الشرق والغرب، اطلبوه من الإنس والجنّ.
إلى السلاح يا عرب، سلاح الحديد في أيديكم، وسلاح الإيمان في قلوبكم، وسلاح الأخلاق والعلم والمال، والله معكم: إن تنصروا الله بأموالكم وأنفسكم ينصركم ويثبّت أقدامكم.
* * *
¬__________
(¬1) الشّكلاطة بتسكين الكاف وبالطاء تعريب كلمة «شوكولاته».

الصفحة 397