كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

في قلوب الشباب، أفتريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم؟ والله مُتِمّ نوره ولو كرهتم.
وتحت هذا العنوان الكبير للمقالة عنوان آخر هو «لماذا يصبح التلفزيون العربي وقفاً على الشيخين الشعراوي والطنطاوي والسلفيين؟»، ويسأل لماذا لا يأتون إليه بمن سَمّاهم الكاتب المفكّرين والكُتّاب القوميين والعلمانيين؟
هذا هو منطق الكاتب وأمثاله: يُعطون الناس حقّ الاختيار بحكم الديمقراطية، ثم يريدون أن يسلبوهم هذا الحقّ وأن يفرضوا عليهم غير ما يرون! أليس في كلامه عن الالتزام طعن للعقيدة الإسلامية؟ أليس فيه دعوة الشباب إلى الخروج عليها؟ فليست القضية إذن في الالتزام أو ترك الالتزام، ولكنها مسألة كفر وإيمان.
إن الذي يُغيظ الكاتب وأمثالَه هو هذه الرجعة إلى الدين، هذه الصحوة الإسلامية، وأن علماء المسلمين ودعاة الإسلام هم الذين صاروا قادة الشباب. وهذا كلامه بحروفه يقول: "فمعظم الذين يمسكون اليوم بزمام هذه الكتلة البشرية هم من المدرسة السلفية ذاتها، مدرسة حصار الإسلام في إطاره السلفي والتاريخي، مدرسة العودة إلى الممارسة التاريخية الأولى بكل بساطتها وعفويّتها، ومحاولة فرضها على العصر".
وهذه الممارسة التاريخية الأولى هي عهد الصحابة (كما يدرك ذلك كل من يفهم الكلام). أفيسوء هذا الكاتبَ أن نعود إلى مثل أخلاق أهل الصدر الأول، ومثل عزّتهم، ومثل سموّهم وكرم نفوسهم؟

الصفحة 45