كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

لو قال هذا الكلامَ خوري أو حاخام لما كان عليه فيه ملام، أمّا أن يقوله رجل يسمّي نفسه غسان إمام؟ إلاّ أن يكون من الأئمة الذين خبّرنا الله عنهم أنهم يدعون إلى النار ويوم القيامة لا يُنصَرون.
إنه يصف خطبة الجمعة بأنها "عاطفية اجتيازية ساخنة صاعقة لا حدود لتنديدها بالسلطة الكافرة أو المشركة! لا حدود لتحريكها عواطف المتديّنين البسطاء". ثم يقول (وهذا نصّ كلامه): "التلفزيون أيضاً بات يكمل دور المسجد، هنا أيضاً يصول ويجول علماء الدين والسلفيون، العمّة واللحية والعباءة تزيد هيبتهم هيبة ووقاراً، بعضهم زُرع ليصبح بحق نجماً تلفزيونياً ينتظره بمحبة وخشوع مئاتُ الألوف. الشيخ الشعراوي والشيخ الطنطاوي الذي بلغ من الكِبَر عتياً، انتقل من الإذاعة السورية إلى التلفزيون السعودي منذ عشرين سنة، وهو لا يكتفي بالإطلالة على الشاشة الصغيرة، بل يكتب في الصحف التي تنتقل بين أيدي العرب في مختلف أقطارهم بلا رقيب ولا حسيب، ليزيد تطرّفه وزلاّت لسانه وقلمه، في الفرقة بين المذاهب والطوائف عبر ما يقوله عن المسيحيين والدروز".
أنا ما أنشأت هذه الكلمة لأردّ عليه، وليس بيني وبينه ما يُوجِب الردّ، بل أنا لم أسمع باسمه قبل اليوم. ولكني مثّلت بما يقول لطائفة من الناس لتعرفوا كيف ينظر إلى الإسلام ودُعاة الإسلام. وإلا فما دامت الصحف موجودة والمطبعة مفتوحة والنشر سهلاً، فإن كل من شاء أن يقول قال. ولكن ما كل من قال أصغى إليه الناس، ولا كل مَن أصغوا إليه صدّقوه. والوطن العربي

الصفحة 46