كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

أكبر من أن تدّعي النطق باسمه مجلّة ما بيدها توكيل عنه وليس لها حقّ النطق باسم أهله!
والذي بدا لي من هذه المقالة ومن مقالة قبلها وقعت إليّ مصادفة يتكلم فيها صاحب هذه المجلّة عن جريدة «الشرق الأوسط؛ ومجلاّتها الملحَقة بها. لقد جعلني ما قرأته اليوم وما قرأته من قبلُ أوقِن أن أصحاب هذه المجلّة وكُتّابها {يَحسُدُونَ الناسَ على ما آتاهم اللهُ من فضلِهِ}، والحاسد لا يُرضيه منك إلاّ أن تزول النعمة عنك، ولا يُغيظه إلاّ أن تزداد. لذلك اجعلوا أَسَدّ جواب لهم وأكبرَ حجر تسدّون به أفواههم أن يستمرّ الشباب المؤمن في طريقه المستقيم وأن يزداد إقباله على المساجد، وأن تستمرّ «الشرق الأوسط» في تقدّمها المطّرد، ذلك هو الردّ عليهم وفي ذلك عقابهم.
على أنني لا أحبّ أن أجد الكاتب وأمثاله في ألم دائم وفي أرق متّصل بسبب مني، فأنا أمتنع لأرضيه عن الحديث في الرائي لأفتح الباب لمن سَمّاهم، ومنهم عفلق والبيطار. ولكن إن امتنعت أنا فهل أمنع الشيخ الشعراوي؟ وإن امتنع الشعراوي فهل يسكت الناس الذين يحرصون على مشاهدته وسماعه ويطالبون به؟ وإن سكتوا ورضوا فمَن يكفل أن يأتي مكانهم البيطار وعفلق، وأن يرضى الناس عن عفلق والبيطار؟
إن البيطار كان رفيقي في الصف، كنا على مقعد واحد، وعفلق بحكم رفيقي، كنا زملاء في الدراسة وإن اختلفَت المدرسة. والبيطار قد مات. وعفلق أصدَقُ من وصف بلاغته وطلاقة لسانه

الصفحة 47