كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 6)

نشكو منك ونُعلِن الشكوى في المساجد وفي المجامع وحيثما استطعنا. وكنا نعلم أن بيدك السجن والتعذيب، وكنا نخاف منك، ولكنا كنا نذكر عذاب الله إن سكتنا، فنخاف من الله فيذهب خوفنا منك فنتكلّم عليك.
فلماذا قلنا ذلك الكلام ولماذا حملنا تلك الحملات؟ كراهية للوحدة؟ نعوذ بالله. إن الوحدة عقيدة من عقائدنا وأمل من آمالنا. بل كراهيةً لهذه الوحدة التي جئتَنا بها، كراهيةً لأسلوب الحكم الذي اتّبعتَه فيها. لم أكرهها أنا وحدي، بل لقد كرهها كلّ شامي. إنك قد تعجب إذ تسمع هذا لأن الذين من حولك خدعوك، خدعوك بالناس الذين كانوا يسوقونهم بالعصا يحشدونهم لك حول قصر الضيافة كلما جئت لتقوم فتقول فيصفّقوا لك ويهتفوا، حسبت هؤلاء هم الشعب مع أن الشعب كلّه كان ناقماً، وهؤلاء أيضاً كانوا ناقمين ولكنها «المباحث» والمكتب الخاصّ والإرهاب والحكم الفرديّ.
لقد تركتهم يؤلّهونك من دون الله، وما من إله إلاّ الله! لقد سمعتَهم يقولون: ناصر ناصر ناصر ... كما يقول الذاكرون المؤمنون: الله الله الله. فلم تنهَهم ولم تُنكِر عليهم.
تَمُنّ علينا بهذه التقدّمية الفاسقة وبهذه القرارات الاشتراكية؟ إنه ما أغضبنا إلاّ هذه التقدّمية الفاسقة وهذه القرارات الاشتراكية.
إننا في بلد مؤمن متمسّك محافظ على عفاف بناته، أفنرضى أن يكون الرقص درساً في المدارس، وأن نأتي بمدرّسيه من

الصفحة 70