كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 7-8)
فعش ممسكاً بعرى للبقاء لا يحدث الدهر: فيها انفصاما
ولا برح من جعل الأرض قرارا، وأخرج من الشجر الأخضر نارا، يطلع في سمائها السعود [غير] الآفلة، ويقر ببابها النعماء [غير] الناقلة، ويجعل لكل [ليلٍ] يمد جناحه، ونهارٍ تفلق إصباحه، متكفلاً لها بجد يلقي إليه زمام القدر تفويضاً، ويمنح الصخرة الصماء ترويضاً.
في ذكر القاضي أبي محمد بن نعمة بن خليل (1)
وإثبات جملةٍ من نثره ونظمه
وبالسند المتقدم وصل إليّ خبره؛ وهو أحد من يتصرف فيجيد، ويبدئ بيد الإحسان ويعيد، جزل المقاطع، سهل المنازع، وقد أثبت من كلامه ما تراه، وتستدل على غرضه ومنحاه.
فصول من نثره مع ما ينخرط في سلطها من شعره
أطال الله بقاء الحضرة العالية لغرائب مجدٍ تبتدعها، وفرائض جودٍ تشرعها، وحوادث أيامٍ صعابها، ومستأنف سعودٍ يطرف جنابها، وأدام أيامها التي هي للدهر تمائم، وفي المجد غمائم:
غرر من الأيام يوضح فجرها والدهر من ظلم النوائب قاتم
كم صرمت عني حوادث لم تكن منجابةً لولا الأجل الصارم
__________
(1) أغلب الظن أنه القاضي أمير الدولة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن خليل العسقلاني (وحدث تصحيف في لفظة " أحمد " فتحولت إلى نعمة " أو العكس) ؛ ذكره العماد في الخريدة (الورقة: 19) من نسخة باريس رقم: 3328 وقال إنه " من الكتاب الشعراء والبلغاء الرؤساء، إلا أنه مقل مع الإجادة والإحسان، إنما يصنع ما يصنعه تأدباً لا تكسباً، وكان في عهد المستنصر "؛ وأورد له شعراً في صارم الدولة ابن معروف صاحب عسقلان.